بقلم: حسن المستكاوي
** كنا نعلم النهاية، كنا نعلم أنه فى الساعة الرابعة من فجر يوم 7 / 7 / 2017 شن عشرات من الإرهابيين تجار الدين الذين يرون الانتحار نضالا، شن عشرات منهم هجوما شرسا على موقع الكتيبة 103 صاعقة المتمركزة فى رفح، كنا نعلم أن أحمد منسى بطل وأن رفاقه فى الكتيبة الذين استشهدوا أبطال، ومع ذلك أخذتنا دراما الاختيار إلى تفاصيل بطولة الأبطال.. فليس كافيا أن تعلم أن مصر عندها بطل وأبطال، وإنما كيف كان بطلا وكيف كانوا أبطالا؟
** هذا ما قدمه لنا مسلسل الاختيار. وهو عمل فنى مميز بكل عناصره. التأليف والإخراج والتصوير والموسيقى والمعارك. حتى لو كانت هناك بعض الملاحظات بشأن الحوارات المباشرة التى تحمل رسائل مباشرة. لكن هكذا أحيانا تقود قصص الأبطال الأعمال الفنية التى تجسد بطولاتهم إلى إلقاء رسائل مباشرة. وهو ما فعلته السينما الأمريكية بكل إبداعتها على مدى عشرات السنين وهى تحكى قصص بطولات جنودها والحلفاء فى معارك الحرب العالمية الثانية.
** كنا جميعا نعلم النهاية. إلا أن الدراما شدتنا وعشنا حالة الاختيار كمجتمع، كما عشنا من قبل حالة رأفت الهجان كمجتمع، لكن أيام عرض مسلسل الهجان فى نهاية الثمانينيات من القرن الماضى لم يكن هناك «خسيس وجبان» يرسم صورة ابتسامة فى تعليقاته كلما سطر أحدنا حرفا أو كلمة بوطنية وشجاعة أبطالنا من رجال الصاعقة المصرية وقواتنا المسلحة.
** إن رد فعل شياطين الإرهاب وأعوانهم ودراويشهم على مسلسل الاختيار هو أكبر دليل على قوة رسائل الدراما التى جمعت مجتمعنا بأطيافه وأعماره المختلفة فى متابعة يومية للعمل. وهو أمر يعكس حقيقة مشاعر الملايين، الذين رفعوا رأسهم فخرا ببطولة رجال الكتيبة 103 صاعقة. وهى واحدة من التشكيلات القتالية القديمة فى القوات المسلحة، ومن نبتة مجموعة 39 قتال التى كان يقودها الشهيد إبراهيم الرفاعى وتأسست بعد حرب 67 من القوات الخاصة للعمل خلف خطوط العدو فى حرب الاستنزاف.
** شباب وكبار أخذوا يتابعون بإنصات وباهتمام رسالة الاختيار، التى غلفت بتفاصيل الأعمال البطولية وبالشجاعة. وقد كانت نهاية المسلسل مؤلمة، أصابتنا بالحزن، وأبكتنا، مع أننا كنا نعلم كم هى صعبة تلك النهاية.. ففى الواقع لا توجد حرب لطيفة أو سهلة. ولا توجد حرب بدون تضحيات، فالدفاع عن الوطن يدفع رجال القوات المسلحة والأمن حياتهم ثمنا له.. هم أهلنا. هم العم والخال والأخ والابن والأب. والزميل والصديق. هم نحن.
** كان انفعالنا بدراما الاختيار يرجع إلى أن نجوم العمل وأبطال الصاعقة الحقيقين كانوا يفعلون ما نريده فى الإرهابيين. كانوا يخوضون حربا شرسة بالنيابة عنا، وكان كثير من المشاهدين يهتفون كلما سقط إرهابى قتيلا.. فقد كنا شركاء نجوم العمل وهم يجسدون بطولات الأبطال. كنا الكتيبة 103 صاعقة.
** منسى ورجال الكتيبة قاتلوا الإرهابيين بشجاعة فائقة فى معركة البرث وحرموهم من رفع علم داعش فوق مبنى الكتيبة، وأسقطوا 40 قتيلا، ومنسى حاصل على فرق صاعقة وفرقة 777 وفرقة 999 وكلها تتطلب أعلى كفاءات الأعمال القتالية.. ورجال الكتيبة قالوا «نموت ولا يدخل مصر خسيس وجبان»، ومنسى هو اللى قال شعرا: «شجرة أنتى يا مصر من عمر التاريخ، أعلم أنك فانية، فلا شىء باقٍ، ولكنك باقية حتى يفنى التاريخ».