بقلم - حسن المستكاوي
هدف مبكر لأيمن أشرف، وفرص ضائعة من باكا والسولية، ودفاع صارم بسرعة ارتداد كبيرة، وهجوم أسرع حين يمتلك الفريق الكرة.. هذا كله وراء انطباعى بأن الأهلى شخصيته ألمانية.. فالألمان يلعبون بجد، ومن فلسفتهم فى اللعب والعمل، عدم الاستهانة أبدا بالخصم، وحين فاز منتخب ألمانيا على البرازيل بسبعة أهداف أبكت مشجعى السامبا، قال الألمان: التساهل والاستهتار والاكتفاء بعدد أهداف وعدم السعى للمزيد هو إهانة للخصم..!
** عندما التقيت كارل هاينز رومينجه عام 1981 وكان من أهم لاعبى منتخب ألمانيا تحدثت معه عن رتابة كرتهم، وكيف أنها تمضى فى خطوط مستقيمة بلا متعة.. وقد دافع يومها عن أسلوب المنتخب.. لكنه عاد بعد سنوات طويلة وهو رئيس تنفيذى لبايرن ميونيخ ليتحدث عن شخصية الكرة الألمانية التى تغيرت.. ولماذا استعان النادى بالمدرب الإسبانى جوارديولا؟ وعندما خسرت ألمانيا مونديال 2010 تساءل الألمان ماذا ينقصنا وماذا نحتاج ووجدوا ما كان ينقصهم وما يحتاجونه..؟
** هكذا أصبحت شخصية الكرة الألمانية من تلاميذ المدرسة اللاتينية، فقديما كانت كرتهم سريعة ومختصرة، التمريرات طويلة، بناء على فلسفة تقول إن أقصر الطرق بين نقطتين هو الخط المستقيم. والنقطتان هما المرميان، كانوا يعتمدون على القوة البدنية واللياقة الفائقة... إلا أن تلك الفلسفة تغيرت، وباتت كرة الألمان تعتمد على التمرير والتحرك وتبادل الكرة والمهارات.. وهذا كله نتاج ثورة كروية بدأت عام 2000 بعد نتائج هزيلة للغاية فى بطولة أوروبا، ومن نتاج تلك الثورة 18 ألف مدرب للناشئين، مقابل 900 مدرب يؤدون نفس العمل فى إنجلترا.. وقد قلت كثيرا أن منتخب ألمانيا لا يضم بين صفوفه ميسى أو رونالدو لكنه فريق نجم قوى..!
** نعود إلى الأهلى الذى لعب بجدية أمام إنبى. لعب 60 دقيقة بقوة وتنظيم. وحين يصنع فريق ثلاث فرص تهديف بخلاف الهدف فهذه كرة هجومية. وحين يحرم نفس الفريق منافسه من صناعة فرص حقيقية، أو يسمح له بفرصة واحدة على الرغم من استحواذه، فهذه كرة دفاعية. وحين يفعل فريق الهجوم بكفاءة والدفاع بكفاءة فهذه كرة جماعية.. ولا أقرأ المباريات بالنتيجة وإنما بالأداء. ولو أحرز باكا هدفا أو هدفين لوصف أداء الأهلى بأنه رائع.. !
** فى مباراة إنبى تجلت سيطرة حسام البدرى على أداء اللاعبين.. تماما كما حدث ذلك أمام الزمالك.. بالسماح للمنافس بالاستحواذ دون خطورة. وهذه السيطرة واضحة منذ بداية الموسم.. والفارق أن الفريق يهاجم فى كل مبارياته لكنه يغير الاستراتيجية فى مباريات أخرى. وهناك مهام وواجبات دفاعية تفرض على كل لاعب.. وجرت عمليات تطوير فى المهام. وإذا غاب نجم، هناك من يحل محله. ولا يتأثر الأداء الجماعى للفريق. وقد تغيب فقط مهارات فردية ولحظات إبداع تميز لاعب عن لاعب آخر.. وتلك من ملامح شخصية الكرة الألمانية.. ولعلكم تذكرون كيف لعب مدرب الفريق لوف بمجموعة من الشباب فى كأس القارات العام الماضى وكيف فاز باللقب بجدارة، وكيف سجل الألمان أهدافهم بلاعبى الوسط وكيف كان رأس الحربة يخرج من الصندوق مفسحا المجال والمساحة لزملائه لدخول منطقة الجزاء.. ألا يفعل الأهلى ذلك.. وهو ما سبق وأشرت إليه قبل عام ويمكن مراجعة ما كتبته وما قلته لمن يرغب فى معرفة من أين أتيت بتعبير شخصية الأهلى الألمانية ومتى؟!
نقلا عن الشروق القاهرية