بقلم: حسن المستكاوي
** كان الاحتفال بثورة يوليو هذا العام مميزا ومهما، فهى ثورة جيش أيدها الشعب وامتدت إلى ثورة شعب أيدها الجيش. ونحن أمام دولة قررت منذ فترة الاحتفاء بكل الشخصيات التى وضعت راية الوطن فوق رأسها، مخاطرة بروحها فى سبيله. وهكذا كرمت مصر، محمد نجيب أول رئيس للجمهورية. كذلك كان الاحتفاء بجمال عبدالناصر وأنور السادات، وكذلك تكريم الرئيس مبارك بجنازة عسكرية، بصفته أحد أبطال حرب أكتوبر وقد كان ذلك بمثابة شهادة على دوره الوطنى..
** جيل ثورة يوليو 52 جرت تربيته على المشاعر الوطنية، إلا أن هذه المشاعر العظيمة التى شربها جيلنا لم تستثمر فى رسم تغيير كامل على المجتمع، ينمى فيه الكفاءة والموهبة والمهارة، وتكون هى الفيصل فى العمل وفى المناصب القيادية. كما أن سياسات التعليم ظل تركيزها على إعتبار نقطة الصفر فى تاريخ مصر الحديث هى ثورة يوليو، فألغت كتب الوزارة عقود ما قبل 1952. وهى كانت ثورة بالتأييد الشعبى الجارف. وليست انقلابا كما أطلق عليها الإخوان الذين ظنوا أنهم أقرب للحكم من الضباط الأحرار..
** مع أحد الشباب دار حوار طويل بمناسبة احتفال هذا العام بثورة 23 يوليو ولاسيما بالأغانى الوطنية التى حركت الذكريات فى جيلنا، جيل الستينيات.. وكانت نقطة بداية الحوار أن تلك الأغنيات تطربنا، وأن جيلنا كان يشدو بها..
** وهذا بعض ما جاء فى الحوار لعله ينقل صورة تفكير جيل جديد قادم..
** قال الشاب: «نعرف جيدا أنكم جيل تعب وشقى، وربط الحزام، وحارب. جيل كانت الأغنية الوطنية تطربه. لكن إحنا كمان جيل الزمن بتاعنا.. جيل اتصل بالعالم وعرفه وعاشه وشافه.. بينما الأجيال السابقة كانت محاصرة بشعارات وبمعارك، فرضت عليها. وقد صدقتم الشعارات.. لأنها كانت حلما وصياغتها حلوة.. وتلائم عصر الثورات ومحاربة الإستعمار.. يعنى لما نقول «حياة ديمقراطية سليمة الناس هاتصدق وتحب ده وتحلم به».. لكن المهم إزاى تعمل الحياة الديمقراطية السليمة.. وإحنا بالمناسبة فى سنة 2020 وبنشوف أحزابنا فين؟
** قلت: «ظروف العصر فرضت على أجيال حروب ومعارك أوقفت وعطلت حاجات كتير.. وبعدين أوعى تحكم على جيل فات بزمنك إنت وبعالمك انت. إرجع لزمن الجيل وشوف الظروف الدولية والإقليمية».
** قال الشاب: «صحيح هناك أجيال معذوره لأن الظروف المحلية والدولية هى اللى فرضت قرارات ومعارك.. يعنى لم يكن الأمر باختيارهم بالدرجة الأولى.. لكن فى المقابل أجيال تانية فى دول تانية دمرتها الحروب بقنابل ذرية، ونهضت وأصبحت نمرا اقتصاديا.
** وأضاف الشاب قائلا: «إحنا جيل وطنى زى جيلكم بالظبط بنحب بلدنا زيكم بالظبط بس عايزينها زى العالم.. مش زى ماكنتم أنتم شايفينها».
** قلت: وانتم عايزين تشوفوا مصر إزاى؟
** قال الشاب: «عايزين مصر أحسن وأقوى وأغنى..عايزينها منتصرة بالعلم والتكنولوجيا، ومنصورة فى كل مجال. عايزينها زى العالم اللى بنشوفه ونعرفه كل يوم.. وعايزين مصر دولة تلاحق العصر وبحريات كاملة وبلاواسطة ووظائفها تحكمها الكفاءة، والفرص فيها متساوية لكل الشباب، والقانون يلاحق كل من يخطئ دون انتظار».
** قلت: كده الحوار يسخن..
** قال الشاب بحدة لها أسبابها القديمة والمعروفة بصراع الأجيال: « يسخن أو يبرد مش مهم.. المهم أنه حوار أجيال وليس تبادلا للاتهامات بين أجيال»..
** وللحوار بقية إن شاء الله..