بقلم: حسن المستكاوي
** لم تكن إجازة من الكتابة، لأن من يذهب إلى حرب ويخوضها بكل جوارحه لا يكون فى إجازة. فقد كنت محاربا فى قلب الجبهة ضد فيروس كورونا اللعين ودفاعا عن إنسان عزيز وعن ابناء وأهل فى المحيط نفسه فكنت مثل الفيلد مارشال مونتجمرى فى حرب العلمين بكل مسئوليات قائد الجيش من قرارات أوامر وتعليمات، وبكل تفاصيل الحروب الكبرى، لكنها هذه المرة مع عدو خسيس..!
** كانت البداية قبل 14 يوما. مظاهر برد أصابت شريكة حياتى. فاختلط الشك باليقين، هل هو مجرد برد أم زيارة غير مرغوبة من كورونا، هذا الأجنبى، القادم لنا وللعالم من الخارج، من غريب لا نعرفه ولم نفهم كيف اقتحم حياة البشرية بتلك السرعة، وبهذه الخطورة، وبهذه القوة، مع أنه خسيس ضئيل.
** مع أول ارتفاع فى درجة الحرارة بدأنا مرحلة التعامل على أنه كورونا. تحليل الدم كشف ذلك وفور أن قرأه الطبيب قال: «كورونا للأسف». وكتب لنا العلاج، وقد كان علاجا طويلا ودقيقا ومازال فى مراحله الأخيرة. .. والحرب ضد كورونا أمر ليس سهلا رغم بساطة المرض. وهو أمر أيضا ليس سهلا، لأنه لابد من إجراءات احترازية دقيقة للغاية، ولا يسمح فيها بأى خطأ، خاصة حين يكون العزل فى المنزل، حتى لا يتطور المرض.كما لا يسمح بأى خطأ حتى لا ينتشر المرض فى المنزل.
** اتبعت تعليمات الطبيب فى العلاج، واتبعت تعليمات وزارة الصحة فى العزل، وكانت الإجراءات تعنى محاصرة المرض بكل ما فى الحصار من معنى ومن دقة، وذلك لحماية كل من فى المنزل من اعتداء كورونا خلسة بالخطأ أو بالسهو.
** أعراض المرض تتفاوت من إنسان لإنسان. ومن شباب لكبار السن. وهناك أعراض خفيفة، وأعراض متوسطة، وأعراض تحمل ملامح الخطر وهناك من يحمل المرض ولكنه لا يعانى من أى أعراض. وأهم شىء فى هذا المرض أن تسرع فى التعامل معه بمنتهى القوة ومن البداية، فترد الاعتداء بهجوم علاجى مضاد.
** بذلت جهدا ذهنيا فى السيطرة على فكرة العزل. ومن مظاهر قسوة هذا الفيروس، أنه يحرمك من التخفيف على أقرب وأعز الناس عليك. ففى المرض يحتاج الإنسان إلى من يحبهم كى يكونوا بجواره، يحدثونه ويخففون عنه، ويطبطبون عليه، كى يشعر بالأمان والراحة. لكنك مع كورونا لا يمكن أن تفعل ذلك. لا تستطيع الاقتراب. وفى الوقت نفسه كيف تفعل ذلك وكيف تكون خائفا بداخلك كشعور إنسانى من المرض ومع ذلك عليك أن تنقل الطمأنينة إلى المريض، حتى يتسلح بقوة معنوية فى مواجهة الفيروس..
** أسلحة مواجهة كورونا بجانب البروتوكول المصرى، هى ترمومتر للحرارة، وجهاز صغير لقياس درجة الأكسجين فى الجسم، وجهاز ضغط. وفى النهاية سوف تكتشف أننا أمام فيروس ضعيف يمكن هزيمته فى المعركة. لكن شأن كل معركة بين خصمين كلاهما يملك أسلحته، فلابد لك من المبادرة وسرعة الهجوم وعدم الانتظار، وعدم التردد فى الذهاب للطبيب أو اللجوء لتطبيقات وزارة الصحة المصرية. فور أن يدق الفيروس والشك بابك..
** اللهم اشف مرضانا وكل من اصابهم المرض فى العالم. وخفف عن الجميع آلام المرض، والوحدة، والعزل، والأخطار. واللهم انصر البشرية فى حربها مع كورونا. وبإذن الله وبرحمته سوف ينتصر الإنسان فى تلك الحرب بالدعاء، وبالإيمان بقوة الدعاء، وبالعلم، وبقوة عقل الإنسان الذى ميزه الله سبحانه وتعالى عن غيره من مخلوقاته.