بقلم: حسن المستكاوي
** قبل عشر سنوات وقعت كارثة باستاد بورسعيد أسفرت عن ضحايا من مشجعى الأهلى، وكنا قبل هذه الكارثة نحذر من كرة النار التى تشعل الاحتقان والكراهية بين جماهير كرة القدم، فلا يمكن أن تكون العلاقة بين جمهور فريق وبين جمهور فريق هى الاعتداء على أتوبيسات الفرق، وعلى المحلات، واستعراض القوة، كأن ذلك هو عرض لقوة الانتماء، ولا يمكن أن تكون العلاقة بين جماهير كرة القدم، وبين جماهير أكبر ناديين فى مصر والشرق الأوسط قائمة فقط على السخرية والتحفيل، والإساءة، والواقع أننا حذرنا أيضا من دخول طرف بين طرفين، يغذى الكراهية، وهو ما أشعل أزمة بين جماهير الكرة المصرية والجزائرية فى يوم من الأيام.
** فى السنوات الأخيرة زادت المسألة بما يسمى بالتنمر، وأصبحت مواقع التواصل تزف إلينا كل فترة حفلة تنمر وإساءات وآخرها ما حدث من لاعبة كرة اليد مروة عيد عبدالملك تجاه شيكابالا نجم فريق كرة القدم بالزمالك، وهو ما ترتب عليه حفلة تنمر من جانب جماهير الفريق الأبيض نحو لاعبة كرة اليد مروة، ثم كان الرد سريعا من جانب جماهير الفريق الأحمر على مروة بحفلة تنمر أخرى، وبين الطرفين طارت إساءات يندى لها الجبين ويأسف لها الضمير الإنسانى. وسوف يكون السؤال التالى مهما:
لماذا بادرت مروة عيد عبد الملك بالهجوم على شيكابالا؟
لقد دافعت عن هذا النجم كثيرا رافضا كل أشكال الإساءة له دون سبب أو مبرر، لأن ما تعرض له على مدى سنوات يفوق احتمال البشر، وهو أمر مرفوض إلى أبعد الحدود.
** نهاية هذا السلوك بين جماهير الفريقين وكل من يغذى الكراهية والإساءة ستكون كارثة أخرى. وسوف يتحمل مسئولية جريمة هذه الكارثة كل من يشارك فى بث الكراهية بين الشباب. ولن يشفع لكم الادعاء بالأسف والأسى والحزن على سقوط ضحايا. ولن يشفع لكم أبدا الادعاء بالانتماء والحب لفريق أو لنجم لتبرير أو تمرير هذا السلوك المكروه الذى يغذى كرة النار وكرة الكراهية.
** هذا الكلام لم يعد منه أى فائدة ولن يكون. وقد قلنا ألف مرة أنه عندما تشتعل الفوضى، يظل الحل هو القانون. وبالطبع فإن البعض يرى أن القانون يحتاج إلى زمن كى يأتى تأثيره. وهذا صحيح. فلا إصلاح للأخلاق سريع التحقق، لكنه فى النهاية سيكون إصلاحا، وهو أفضل كثيرا من ترك الحريق يخمد وحده بالنسيان وبالتجاهل وبالزمن. ولذلك أثق أنه فى النهاية سوف يحقق القانون الهدف وإن طال
وقت العلاج. ففى أوروبا عاصفة قائمة منذ سنوات ضد العنصرية، وهناك مواقف حازمة من الأندية ومن الاتحادات ومن الوزارات ومن البرلمانات ضد العنصرية، وذلك بعقوبات قاسية وسريعة تكون عبرة لمن يتجاوز إنسانيا فى حق نجم أو لاعب أثناء مباراة أو من خلال مواقع التواصل الاجتماعى.
** أحذر من كارثة جديدة. أحذر من حرائق ومن كرة النار التى تبعد الجمهور عن مدرجات كرة القدم والرياضة، لأنه من الصعب تحمل كارثة ثالثة، بعد كارثتى جمهور الأهلى وجمهور الزمالك. وأحذر كل من يشارك فى إشعال النار. فأنت مهما طال الزمن ستكون شريكا مسئولا عن اغتيال شباب وزملاء لك مهما ادعيت بأنك شديد الأسف والأسى وترفض ما جرى وما يجرى، ففى أوراق الوقائع السابقة السابقة حقيقة واحدة تقول: إن الاحتقان اغتال خيرة الشباب بيده الحمقاء!.