بقلم: حسن المستكاوي
** لم يعد الشجب والرفض والكلام كافيا لإيقاف العنصرية والتنمر وسلوك الأخلاق، والحد من الإساءات والتجاوزات فى الشارع وفى الملعب. ومنذ سنوات ونحن نمارس هذا الرفض عند أى تجاوز من أى إنسان. وعندما وقعت اشتباكات فى مباراة السوبر بأبو ظبى بين لاعبى الأهلى والزمالك انتقدت سلوك اللاعبين، كل اللاعبين، وطالبت بعقوبات قاسية، وخرجت العقوبات ورأيت أنها لا تكفى، وقلت ذلك، كتابة هنا وقولا ونصا فى الإذاعة والتليفزيون، وهى الوسائل التى أعبر فيها عن رأيى قبل الفيس بوك وتويتر، حيث تحكم الأهواء ردود الأفعال على مواقع التواصل الاجتماعى، ومثل كثير من النقاشات والحوارات، حين تنتقد موقفا حاضرا وسلوكا مشينا وقت حدوثه، يكون الرد والتعليق بالإشارة إلى أحداث ووقائع مضت من سنوات تمس طرفا آخر ليسقط الحوار فى دوامة لا يمكن الخروج منها..
** مرة أخرى إن ما حدث مع شيكابالا من قلة، لا تمثل جمهور الأهلى، مرفوض، وعيب وحرام أيضا. وما حدث من شيكابالا بالمثل لا يجوز فالنجم عليه أن يحسب تصرفاته، وهنا سندخل فى نقاش آخر يهدر أصل القضية بالسؤال الذى يبحث عن إهدار الوقت وتعميم الجريمة: من بدأ؟
** كنت على الهواء أثناء قمة الزمالك والأهلى
(لقد وصل الأمر لدرجة أن يتم حساب أيهما يكتب قبل الآخر).. وصفقت لهدف شيكابالا الرائع، وصفقت لهدف قفشة القاتل والجميل. وهناك من لا يريد أن يفهم أو لا يقدر على فهم أن هناك من يشجع كرة القدم ويحب الرياضة، وأخلاقها وقيمها قبل الأهلى وقبل الزمالك. ولابد من إدراك أن موهبة شيكابالا ليست محل نقاش حتى لو كان يعانى من نقص كبير فى الجهد البدنى، ولا أحد يمكنه أن يناقش مهارة قفشة. لكن قبل أى شىء يظل السلوك محل نظر واهتمام. فكيف يمكن إيقاف هذا العبث الذى نراه؟
** التنمر والعنصرية ظاهرة انتشرت فى ملاعب أوروبا، لكنهم لا يعتمدون على مقالات كتاب، أو تغريدات إعلام وخطابات إعلاميين وصحفيين فى برامجهم أو على تعليقاتهم فى تويتر وعلى الفيس بوك. هم يطبقون القانون. فمن يضبط متحرشا أو متنمرا وممارسا للعنصرية يحاسب بالقانون وبالنيابة. فالنقد والكلام والشجب والرفض أصبح مجرد «طق حنك».. فقد كتبنا ورفضنا وشجبنا ولم ينصت أحد ولم يتغير شىء فوصلنا إلى ما وصلنا إليه من إساءات وتجاوزات..
** الذين لم يقرأوا التاريخ عليهم أن يراجعوا كيف عالجت شعوب وحضارات ودول الانحطاط الأخلاقى، والفوضى. وهناك وسائل كانت شديدة القسوة، لكن يظل القانون هو الوسيلة الوحيدة التى تحاسب الخارجين عن الطبيعة الإنسانية وعن الأخلاق بعدل. فيكون العقاب بقدر الجريمة. وفى محراب الرياضة وفى الشارع وفى مواقع التواصل الاجتماعى تقع جرائم خارجة عن قيم مجتمعنا، ولا يجب مقارنتها بمثيلاتها فى المجتمعات الغربية، فلماذا لا نضع فى الكفة نفسها الأخلاق بدلا من الحماقة والسفالة والانحطاط؟ لماذا لا نزن الروح الرياضية وجمال المنافسة هناك بما نراه هنا من امتهان وإهانات وخناقات، ونذهب إلى أسوأ ما فى الغرب ونضعه فى ميزان أمام قيم مجتمعنا؟ لماذا لا نأخذ منهم أفضل ما عندهم وتضعون أسوأ ما عندهم فى الحسبان كى نأخذه كدليل على أن فوضى مواقع التواصل وفوضى العنصرية من الحريات العامة ومن حقوق الإنسان.. أى إنسان هذا وأى إنسانية تسمح بهذا السلوك الأخرق والأحمق.. أى إنسانية تلك؟!
** حاسبوا اللاعبين والمدربين والإداريين على سلوكهم وتصرفاتهم فى الملاعب بمنتهى القوة والقسوة والجدية، وحاسبوا أيضا الإعلاميين الذين يخرجون عن المهنية فورا على سلوكهم.. وبدون هذا الحساب مفيش فايدة إطلاقا.. فالقانون يطفئ كرة النار!