بقلم: حسن المستكاوي
** عندما تقرر إيقاف البريمير ليج، وبدأ الحديث عن حظ ليفربول السيئ، وحظ يورجين كلوب الأسوأ.. كم كان مدهشا أن المدرب الألمانى لم يقل شيئا أبدا يوحى بأنه ينعى حظه العثر، وحظ فريقه الذى كان على وشك أن يلمس المجد بفوزين من تسع مباريات متبقية، وإنما قال يورجين كلوب بعقله المنطقى والفلسفى الألمانى: «إن كرة القدم هى أهم الأشياء الأقل أهمية فى الحياة.. ولا أعتقد أن هذه هى اللحظة التى يجب أن تكون فيها أفكار مدرب كرة قدم مهمة»..
** «وكان كلوب واضحا فى الفصل بين الرغبة فى عودة كرة القدم وبين الأخطار التى تهدد البشر، وقال علينا أن نفعل كل ما فى وسعنا لحماية بعضنا البعض. يجب أن يكون هذا هو الحال طوال الوقت فى الحياة كمجتمع، وبالطبع لا نريد اللعب أمام مدرجات خالية، ولا نريد تأجيل المباريات أو المسابقات، ولكن إذا كان ذلك يساعد فردا واحدا على البقاء بصحة جيدة ــ فرد واحد فقط ــ فسوف نقوم بذلك دون تردد»
وكان ذلك من أهم تصريحاته عند إيقاف البريمير ليج فى مارس الماضى..
** الآن يقول يورجين كلوب: «أعلم أن جماهيرنا كانت ترغب فى الاحتفال هذا الموسم باللقب الأول لنا منذ 30 عاما، وكانت تراه فى متناول اليد. لكن إذا لم نفز بالدورى لأنه تم إيقافه بسبب الوباء، فإن سيكون ذلك غير عادل ولكنه ليس كارثة..و الانتظار الحقيقى هو عندما نتمكن جميعا من الذهاب إلى الملعب مرة أخرى لأداء مباراة.. هذا الانتظار أكثر إيلاما من عدم فوزنا ببطولة الدورى»..
** وهذا الكلام يعكس ثقافة كلوب ومنطقه، ويسقط كل مشاعر الأنانية والنرجسية المنتشرة فى بعض المجتمعات وفى منافسات الرياضة للأسف. فالأهم كما يرى كلوب هو المصلحة العامة، وعودة نشاط كرة القدم. فانتظار تلك العودة أكثر ألما من فقدان لقب فى متناول اليد.. لكن الدرس الذى تعمله ليفربول فى أطول حصة زمنية، طالت 30 سنة، أنه حتى الأندية العظيمة لا يمكنها التوقف لالتقاط أنفاسها. فكرة القدم لا هوادة فيها.. إنها تستمر وتجرى وتفيض مثل النهر..
** قبل أيام نشرت محطة سى إن إن الأمريكية تقريرا بعنوان: «30 عاما من الحلم» فى إشارة إلى تهديد الفريق بعدم الفوز باللقب الغائب منذ ثلاثة عقود بسبب فيروس كورونا الخسيس. وقد كان ليفربول قريبا للغاية من الفوز بالدورى، وبإحتمال هو الأقرب لجمع أكثر من مائة نقطة، وتحطيم الرقم المسجل باسم مانشستر سيتى حين فاز بالبطولة.. وتناول التقرير ذكريات مشجعى ليفربول الذين عاشوا بطولة 1990، ومأساة استاد هيسيل فى بلجيكا التى راح ضحيتها 39 مشجعا للفريق، وكذلك إنجازات مدربين سابقين للفريق مثل بوب بيزلى وشانكلى والألقاب التى جمعها النادى فى البطولات الإنجليزية والأوروبية..
** فى المقابل تبدو فقاعة المال وحسابات الأرباح والخسائر هى المحرك الرئيسى للروابط والاتحادات ورجال الأعمال بشأن عودة نشاط اللعبة فى كثير من دول أوروبا ولو أمام مدرجات خاوية وخالية. على أساس أنها صناعة مهمة تدر أموالا ضخمة فى إقتصاديات الدول.. والواقع أن ألمانيا تبدو قريبة من ستئناف النشاط بدون جمهور، مع قواعد صحية صارمة، خاصة أنها الدولة الأوروبية الأولى فى عدد الاختبارات الكاشفة للمرض، لكن فكرة إستئناف النشاط جعلت قالت إحدى منظمات المشجعين تقول إن إعادة بدء موسم كرة القدم وسط جائحة ما سيكون بمثابة «استهزاء تام لبقية المجتمع»..!