بقلم: حسن المستكاوي
** فى انتقالات محمد صلاح بين عدة أندية دروس مهمة للغاية، لكننى سأتوقف أمام درس مهم لكل المدربين والخبراء. وقد كانت البداية من المقاولون العرب إلى سويسرا فى فريق بازل. وكانت تلك أول خطوة فى طريق الشهرة الكبرى. وعندما انتقل محمد صلاح إلى فيرونتينا من تشيلسى بدأ خطوة جديدة فى طريقه مع الاحتراف، وعندما انتقل من فيرونتينا إلى روما تألق. وعندما رحل من إيطاليا إلى ليفربول أصبح نجما عالميا. وفى كل مرة يشد فيها الرحال من ناد إلى ناد ومن فريق إلى فريق يشارك نجمنا المصرى فى تشكيل فريقه الجديد، لكنه فى محطته الأخيرة انتقل من روما إلى ملعب ليفربول مباشرة دون أن يمكث على دكة الاحتياط بضعة أسابيع من أجل الانسجام!
** بدأت بمحمد صلاح كنموذج لأن تجاربه محفوظة فى ذهن الجميع، خبراء ومدربين ومحللين وصحفيين.. فأين هنا حكاية الانسجام؟ وصحيح أن هناك تجارب انتقالات عالمية فاشلة؟ وصحيح أن هناك وجهات نظر عند المدربين وبعضهم يصبر على اللاعب وبعضهم يرفض منح اللاعب فرصة وبعضهم يكون صاحب قرار سريع ويشركه فى المباريات.. لكن فى النهاية أنت كمدرب وكناد تتعاقد مع لاعب بأموال كبيرة كى يلعب وإذا لم يلعب تستغنى عنه من أجل مصلحتك ومن أجل مصلحته.
** كل ما سبق قد يكون مشكوكا فيه.. وسوف يرد البعض بأنها وجهات نظر لكن ما رأيكم فيما فعله مدرب منتخب البحرين الفائز بكأس الخليج لكرة القدم لأول مرة منذ خمسين عاما وبعد 22 مشاركة للفريق؟
** المدرب البرتغالى هيليو دى سوزا.. تولى مهمة قيادة الفريق البحرينى قبل خمسة أشهر، وفاز ببطولتين، الأولى هى كأس أمم غرب آسيا والتى استضافتها العراق والثانية هى كأس الخليج رقم 24 التى أقيمت فى قطر. وهو لا يملك شهادات خبرة طويلة، الأمر الذى يؤكد سقوط نظرية التعاقد مع مدرب عالمى صاحب خبرات سابقة، وسبق أن أوضحنا بأن كلود لوروا، وبرونو ميتسو، وهيرفى رينار، وجمال بلماضى، وإيليو سيسيه، وعديد من المدربين الذين حققوا نجاحات كبيرة لم تكن عندهم شهادات خبرة، وكان ذلك فى معرض الحديث عن فايلر مدرب الأهلى الذى تعرض للهجوم من الجميع قبل أن يبدأ وتسبب فى مهاجمة مجلس الإدارة. وكان ذلك فى سياق فهم خاطئ لفكرة شهادة خبرة المدرب كأساس للاختيار. بينما هناك عوامل أخرى تحدد قدرة المدرب على النجاح.
** هيليو دى سوزا فعل فى كأس الخليج ما فعله فى كأس غرب آسيا. لعب بعدة فرق، بعدة تشكيلات مختلفة.. لقد اتبع أسلوبه نفسه. ففى المباراة النهائية لكأس الخليج لعب مجرب البحرين بتشكيلة لا تضم أى لاعب ممن كانوا فى التشكيلة الأساسية خلال مباراة الدور الأول والتى انتهت بفوز المنتخب السعودى 2 / صفر كما لم يضم التشكيل الاساسى للمنتخب البحرينى فى المباراة النهائية أى لاعب كان فى التشكيل الاساسى للفريق فى مباراته السابقة بالبطولة والتى انتهت بالتعادل 2 / 2 مع المنتخب العراقى فى الدور قبل النهائى.. فكيف لعب هيليو دى سوزا عدة مباريات مهمة بتشكيلات مختلفة تماما ونجح؟ أين الانسجام؟ أين هذا الكلام المكرر المعاد القديم عن إصابة الفريق بخلل فظيع وكبير إذا غير المدرب لاعبين أو ثلاثة فى التشكيل؟
** أسقط هيليو دى سوزا تلك النظرية القديمة التى باتت من معلبات تبرير وتمرير الفشل الجاهزة. فالمدرب يملك أوقاتا لتدريب لاعبيه جميعا، ويقدم لهم خططه وتكتيكاته، ويفعل ذلك لساعات فى كل يوم تدريب. فيكون التدريب للجميع، والخطط للجميع والتكتيك للجميع. وعموما ليس ذلك أمرا قاطعا، لكن تجربة دى سوزا تستحق الدراسة خاصة بتقييم الأداء ودراسته وكيف كان خلال البطولتين؟