بقلم : حسن المستكاوي
** موضوع أزمة صلاح مع الاتحاد قُتل نقاشا وبحثا وتحقيقا.. هو من إنتاج عدم دراية باللوائح وقواعد المسابقة. وهى مشكلة كبيرة أن يغيب عن إدارة اتحاد كرة القدم الذين يستحقون الوجود داخله، وهم الشباب الذين يتعاملون بخبرات علمية مع الهيئات الرياضية الدولية. وهذا الخطأ لا بد أن يكون له حسابه، ليس لأنه أغضب صلاح وأغضب محبيه، ولكن الجهل باللوائح الدولية وبلوائح الفيفا، واللامبالاة والاستهتار بما لا يجب الاستهتار به، لا يستحق ولا يجب أن يكون له مكان داخل منظومة إدارة الكرة المصرية..
** بكل الحسابات لم يكن التصويت لصلاح من جانب الصحفى المعتمد عند الفيفا ومن جانب استمارة المدير الفنى للاتحاد وكابتن المنتخب لم يكن سيفيد صلاح فى الترتيب وفقا للعمليات الحسابية الخاصة بالتصويت، لكن غضب صلاح يرجع إلى رواسب سابقة، وإلى شعور بعدم الاهتمام وإلى تجاهل لا يليق بشخصه. لكن قرار صلاح الانفعالى برفع صفته كلاعب دولى فى منتخب مصر هو قرار انفعالى. فمنتخب مصر ليس له علاقة بخطأ إدارى يتحمل مسئوليته من وقع فيه.
** وأنتقل إلى جانب آخر فى جوائز الفيفا، بعد أن تناولت الجانب الإنسانى فى مقال أمس.. إنه خطاب يورجن كلوب الرائع الذى قرأته مختصرا جدا على وكالات ثم قرأته كاملا مؤخرا.. وهو خطاب يجب أن يدرس، وأن يقرأه ويفهمه كل من يمارس الرياضة وكل من يعمل بصناعة كرة القدم.
** يقول كلوب: «العالم الخارجى ينظر للاعبى كرة القدم والمدربين على أنهم آلهة أو شىء مميز ونحن لسنا كذلك ولن نكون.. أحيانا يسألوننى: لماذا دائما تبتسم؟ حتى عندما تخسر نراك تبتسم فى أحيان كثيرة.. «أبتسم بسبب طفلى. لأنى مدرك أن كرة القدم ليست حياة أو موت. نحن لا ننقذ أرواح الناس.. كرة القدم لا يجب أن تنشر الحقد والكراهية والبؤس. كرة القدم يجب أن تكون حول الفرح والإلهام خصوصا بالنسبة للأطفال».
** وأضاف كلوب: «لقد عايشت ما يمكن أن تفعله كرة القدم فى حياة الكثير من اللاعبين. قصص لاعبين كمحمد صلاح وساديو مانى والكثير غيرهم. الصعوبات التى واجهتها كشاب فى ألمانيا لا تقارن بما واجهه ساديو مانى أو محمد صلاح مثلا. كانت هناك لحظات فى حياتهما من الممكن أن ترغمهما على رفع الراية والاستسلام لكنهما لم يفعلا. لقد رفضا الهزيمة. هما ليسا آلهة. هما فقط لم يتخليا عن أحلامهما. أعتقد أن كرة القدم بنسبة 98% تدور حول طريقتك فى التعامل مع الفشل وإيجاد طريقة تجبرك على الاستمتاع بالمباراة المقبلة».
** وقال كلوب: «أعتذر لأولئك المهوسين بكرة القدم لكن أيا ما كان قد حدث لك وما سيحدث لك فى ملعب كرة القدم فهو لا يعتبر مشكلة حقيقية يجب أن يكون هناك غرض أكبر من الألقاب والأموال من هذه اللعبة».. لكن هذه اللعبة لمن؟ هذه اللعبة للحالمين. لمن يحلمون بمستقبل أفضل. وجميعنا نعلم ذلك».
** هذا جزء من خطاب كلوب بعد فوزه بجائزة أحسن مدرب وقد أشاد بمنافسيه جميعهم. وقال هناك مثلهم الكثير من المدربين.. وهذا الخطاب الرائع يعكس قدر ثقافته وفلسفته ونظرته للحياة وللعبة الجميلة.. فكرة القدم هى الحياة. هى الكفاح والنضال. والانتصار والانكسار. وهى السعادة والبهجة والفطرة والتلقائية والعمل الجماعى والمساندة لك ومنك. هى الحب والانتماء والبناء. ولا يوجد أجمل من تلك المعانى. ولا يوجد أجمل من مدرب قائد مثقف.