بقلم: حسن المستكاوي
** مدرستان أساسيتان فى التعليق الرياضى وفى كرة القدم. الأولى المدرسة الإنجليزية. والثانية المدرسة اللاتينية. والأولى هادئة. والثانية صاخبة. والمقصود بالمدرسة هو الأداء وليس المضمون، فالمدرستان قد تتفقان على الحيادية والمهنية والموضوعية، وعدم الإساءة إلى أطراف مباريات، ورؤية الفريقين والطرفين، وعدم تجاهل فريق من أجل فريق، وعدم تبرير هزيمة فريق دون النظر لأسباب تفوق الفريق الآخر.
** فى التعليق العربى بصفة عامة على مباريات كرة القدم هناك خلط بين دور المعلق المهنى وموضوعيته وبين مفهوم الوطنية. فهو يصيح ويشجع فريق بلاده، ويوجه له النصائح التى لا يمكن أن يسمعها اللاعب أو المدرب، لكنه يفعل ذلك كأنه طرف فى الصراع الدائر بالملعب أو لنجعل الكلمة هى المنافسة بدلا من الصراع. وهذا ليس دور المعلق. كما أنه غير صحيح على الإطلاق هذا الخلط بين دوره كمعلق ودوره كمواطن عنده استعداد للدفاع عن وطنه حين يتعرض لاعتداء غاشم، ومعلوم أن مباريات كرة القدم ليس فيها هذا النوع من الاعتداء!
** قبل أن يصطاد الصيادون فى الماء العكر.. أشجع فريقا واحدا هو منتخب مصر، وأقف وأصرخ وأهتف وأنا أتابع، لكن فى لحظة العمل بالكتابة أو التحليل، لا أقف ولا أصرخ ولا أهتف. بل فى أحيان كثيرة، يمكن أن يفوز المنتخب ببطولة أو مباراة، وعند تحليل الأمر ننتقد بشدة أداء الفريق وحدث ذلك فى مناسبات كثيرة منها مثلا حين فاز المنتخب بكأس الأمم 1986، ثم بذهبية الألعاب الأفريقية فى 1987، وكنت طرفا ضمن مجموعة وراء إقالة مايكل سميث مدرب الفريق.. وأضيف أيضا موقفى من كوبر على الرغم من نتائجه!
** إذن هناك فارق بين الانتماء وحب الوطن وبين المهنة والمهنية. هناك فارق بين الوطنية وهى مشاعر وسلوك عام بديهى، ليست فى حاجة إلى ربطها بفريق أو بمباراة، مع ترسيخ مبررات الهزيمة، وأخطاء اللاعبين والجهاز الفنى، دون النظر إلى دور الطرف الآخر المنافس فيما يملكه من عناصر قوة كشفت سلبيات فى الفريق المهزوم.. وفى تاريخ الرياضة لم يحدث أبدا أن سمعنا معلقا إنجليزيا يهاجم منتخب ألمانيا وكان بين الدولتين والشعبين حرب عالمية. بينما نرى ذلك أحيانا، حين يلعب فريق عربى مع فريق إفريقى مثلا وهو أمر مؤسف!
** النكتة الكبرى، هى تقسيم المباراة بين معلقين لفريقين عربيين. تونسى لفريق تونسى، ومصرى لفريق مصرى، وهكذا وهو أمر مفهوم الاسباب، إنه إرضاء لجمهور هذا وذاك ظنا بأن ذلك دليل على الحياد. وأسمع تعليق هذا وتعليق هذا. كأنهما مشجعان، غريمان. وكلاهما يعلق على مباراة تبدو مختلفة عن المباراة الدائرة.. كما حدث مؤخرا من المعلق المغربى جواد بده على مباراة الزمالك ونهضة بركان.. ما هذا التحيز الذى يرسخ التعصب وأين المهنية وهل دور المعلق أن يرى فريقا واحدا أم يرى فريقين ويعلق على المباراة وليس على شوط من مباراة؟!
** الصراخ مدرسة لاتينية وهم هناك من عشقهم لكلمة «جوووووول» الممدودة، أنتجوا إسطوانات تحمل مجموعات من صرخات المعلقين بالكلمة. لكن الصراخ يصبح عويلا وإزعاجا. وعدم التوقف عن الكلام ولو لثانية ظاهرة غير مفهومة من جانب بعض المعلقين. ولا أعمم تلك الظواهر فهناك معلقون عرب مشاهير ونجوم ومميزون.. بالتأكيد..
** والحديث عن التعليق له بقية إن شاء الله.. راجيا أن تتسع الصدور!