بقلم: حسن المستكاوي
** كلما بدأت فى إجراء مقارنة مع «العالم الآخر» أو العالم الأول فى مجال الرياضة وكرة القدم أضع فى الاعتبار أن هناك ما يمكن المقارنة به وهناك ما يعد مقامرة عند المقارنة به.. ففى الإمكانات المادية تصعب المقارنة لأن عندنا فى بلدنا أولويات بينما فى احترام النظام واللوائح والأخلاق والروح الرياضية وفهم قيم الرياضة يمكن المقارنة، باعتبار أن الأمية يمكن إزالتها بالتعليم، وأن الجهل يمكن تقويمه بالقدوة، وأن الفوضى يمكن معالجتها بالعقاب..!
** وهذا درس جديد من يورجن كلوب ومن لاعبى ليفربول لكل من يمارس الرياضة ويعمل بها ويتابعها فى ملاعبنا..!
** يوم السبت كنت فى استوديو الإذاعة، فى تغطية لمباراة الأهلى وصن داونز، وعندما علمت بفوز واتفورد على ليفربول 3 / صفر ما زحت الزميل المذيع قائلا: «أحسن حاجة أن لاعبى ليفربول لم يقوموا بالاعتداء بالضرب على لاعبى واتفورد الذين ضيعوا عليهم استمرار حلقة الانتصارات وتحقيق الرقم القياسى الذى يبحثون عنه وهو الفوز فى 19 مباراة متتالية».
** كانت تلك أول هزيمة لفريق ليفربول فى الموسم الحالى وجاءت بعد الفوز فى 18 مباراة على التوالى وهى أيضا المرة الأولى التى يهدر فيها ليفربول أى نقاط طوال الموسم، منذ تعادله على ملعب مانشستر يونايتد 1 /1 فى 20 أكتوبر الماضى.. وفى اليوم التالى لهزيمة ليفربول أمام واتفورد تابعت تصريحات يورجن كلوب عن الهزيمة، وأدهشنى أن تكون كلماته قريبة من المزحة التى أطلقتها لكنه لم يكن يمزح وإنما جادا للغاية..!
** قال يروجن كلوب بعد الهزيمة: «عندما تخسر مباراة عليك أن تحاول الالتزام بالسلوك الصحيح. عليك أن تكون رجلا. لقد فعل فريق واتفورد ما يريد أن يفعله معنا. لم نكن فى حالة جيدة. لكن الشىء الجيد فى لاعبى ليفربول أنهم التزموا باللعب النظيف على الرغم من الخسارة بثلاثة أهداف لأول مرة هذا الموسم.. والأمر الإيجابى أن اللاعبين لم يستسلموا للإحباط أو للغضب».
** أضاف يورجن كلوب مشيدا بلاعبى واتفورد: «هم عناصر فريق جيد ومنظم، واستعد جيدا للمباراة. لم نكن على نفس القدر من الجودة. امتلكنا الكرة كثيرا ولم نخترق منطقتهم. عليك أن تقبل ذلك. إنه ليس سهلا لكنها كرة القدم. والأداء الذى قدمناه أمام واتفورد يثبت أننا لم نكن فريقا جيدا بالقدر الكافى. وعلى الرغم من تأخرنا بثلاثة أهداف لم يفقد اللاعبون أعصابهم ولم يتعمد لاعب واحد ركل أى لاعب فى فريق واتفورد».
** هذا الكلام درس لكل من يفقد أعصابه عندما يتعثر أمام هزيمة. هو درس لكل من يرى الفوز خيارا وحيدا وعليه أن يحققه باللعب أو بالضرب. هو درس للفتوات والبلطجية الذين يخسرون لأنهم فى غاية السوء ويبيعون لجمهورهم أنهم لم يكونوا فى منتهى السوء. هو درس للذين يهينون الرياضة والمجتمع والأخلاق. هو درس للذين لا يفهمون ولا يعرفون قيم الرياضة ولا ما هى الرياضة.
** هذا ليس الدرس الأول ولن يكون الأخير من مجتمعات ارتقت بأخلاقها وعرفت أن الرياضة بهجة ومتعة وتسلية وكفاح وجهد وعرق وتفوق ونشاط إنسانى عادل تطبق فيه كل قيم العدالة فى أغلب الأحوال فيكون الفوز فى وقت ما وفى لحظة ما للأفضل فى هذا الوقت وفى تلك اللحظة.. ولا يوجد أفضل بماضيه وبتاريخه وحده.. وإنما بالحاضر أيضا.
** الدرس المختصر هو أن كرة القدم مثل الحياة. فيها انتصار وفيها انكسار.