بقلم: حسن المستكاوي
** شاركت فى ثلاث ندوات متتالية خلال شهر تقريبا، تدور موضوعاتها حول الإعلام والصحافة الرياضية. الأولى فى الجامعة الأمريكية، بعنوان: الإعلام الرياضى كيف يصل إلى ممارسة مهنية تحاصر التعصب؟ والثانية فى النادى الإعلامى بعنوان: الإعلام الرياضى كيف يصل إلى ممارسة مهنية تحارب التعصب؟ والثالثة فى الملتقى الدولى للإعلام بعنوان: تاريخ تطور الإعلام الرياضى؟
** العنوان واحد والموضوع واحد تقريبا، فقد وصل حال الإعلام الرياضى فى السنوات الأخيرة إلى مراحل خطيرة، فساهم فى رفع درجات الاحتقان، بممارسات بعيدة تماما عن قيم الرياضة وأخلاقها. ومن أهم أسباب ذلك أن يجلس الصحفى أو الإعلامى فى مدرج المشجع. وأن يرى فريقه وحده ولا يرى غيره. ويرى نجمه وحده ولا يرى غيره. ويرى الحكم ضده وحده ولا يرى غير ذلك. ثم تكبر كرة الأسباب مثل كرة النار التى كانت قديما كرة ثلج.
** هى كارثة ألا يعلم من يعمل فى الإعلام الرياضى أهداف الرياضة وقيمها ورسالتها وروحها. وأن تتوقف معلوماته عند مرحلة فقد فيها اتصاله بالعالم وبالعلم. وأن يستمر هذا الإعلامى سواء صحفيا يكتب فى جريدة وفى موقع، أو مقدما لبرامج أو محللا أو معلقا، يستمر فى الخلط بين تضارب المصالح فيعمل بالإعلام وبالإدارة الرياضية، ويبدى رأيه فى الإدارة من منصة الإعلام. وهى أيضا كارثة أن يقع الإعلامى فى خطأ الخلط بين الوطنية وبين المهنية. فيصيح وهو يعلق: «الله أكبر فوق كيد المعتدين» باعتبار أن ذلك عملا وطنيا يشد من أزر فريقه الذى يلعب مباراة كرة سلة ضد فريق آخر!
** تلك مجرد حالات كأمثلة، لكن فى مظاهر التعصب الإعلامى ما هو أخطر والجميع يراها ويدرك أخطارها.. وهى كارثة أكبر من كل الكوارث أن يمارس الإدارة الرياضية على أعلى مستوياتها من يرسخون كل موبقات التعصب ويشعلون النار بين الجماهير ويحرضون على الإيذاء والعنف.
** وفى سياق تاريخ تطور الإعلام الرياضى تطرح هذه الأيام مناقشة، تأخرت عن موعدها قرابة العشر سنوات، وهى تدور حول مستقبل الصحافة الورقية. وبداية لمناقشة هذا التطور من المهم النظر بمساحة أوسع وأكثر عمقا للصورة بالكامل، ومنها تطور الرياضة وأدواتها وكيف أصبحت صناعة. وكذلك تطور المجتمعات وظروف كل عصر.. لكن ماذا عن الصحافة الورقية؟
**فى النصف الأول من القرن العشرين قال أمير الشعراء أحمد شوقي: «لكل زمان آية.. وآية هذا الزمان هى الصحف».. لكن الآية الإعلامية أصبحت التليفزيون الإنترنت وتويتر وفيس بوك وإنستجرام.. فهل هذا يعنى أن الصحافة الورقية لم تعد حية؟
** كاتبنا الراحل الكبير الأستاذ محمد حسنين هيكل له مقولة بديعة فى هذا الشأن وهى: «الكاميرا تسجل بعدستها اللحظة.. لكن قلم وفكر الصحفى البارع يسجل بأحباره ما وراء اللحظة».. وهذا يختصر الكثير من المناقشات، فالإبداع والفكرة والاهتمام بالتفاصيل، وعرضها بلغة جذابة هو سر بقاء الصحافة الورقية فى الغرب نسبيا قياسا بما تتعرض له فى عالمنا عربى. وهنا قد تقع المسئولية على الكاتب، وعلى الصحفى. فكيف تعرض الصحف أخبارا متأخرة عن موعدها 24 ساعة على الأقل، لأنها نشرت عبر شاشات التليفزيون والإذاعة ومواقع التواصل.. بينما العالم تخلص تقريبا من هذا الخطأ منذ عشر سنوات على الأقل؟!
** أزمات الصحافة الورقية كثيرة، وبعضها يعود لتطور المجتمع وطبيعة العصر وإيقاعه. لكن كيف تشكو الصحافة الورقية مما تمر به بينما هى ما زالت تظن أن خبرا تأخر عن موعده 24 ساعة ما زال خبرا يستحق الصفحة الأولى؟!
** هذه وحدها تكفى..!
وقد يهمك أيضًا:
كتابة التاريخ الرياضى وتصويبه..!
كم مباراة أهلى وزمالك؟!