بقلم: حسن المستكاوي
** الاهتمام بالشأن المصرى العام، حق لكل مواطن، وواجب على كل مواطن يحب بلده ويهتم بها وبمستقبلها.
** سد إثيوبيا كما يسميه الدكتور مصطفى الفقى، من أخطر التحديات، ولست خبيرا فى المياه، أو الرى. لكننى أفكر فيما يقال ويطرح وأستند إلى بعض المنطق فى الفهم والتفسير. فهل سد إثيوبيا للكهرباء أم لحجز المياه أم للإثنين أم لأشياء أخرى؟
** أقرأ منذ عقود عن أزمة المياه القادمة (بلاش تعبير حرب المياه القادمة)..
وإذا كان السد للكهرباء، فقد تكلف حتى الآن ما يقرب من خمسة مليارات دولار، لإنتاج 6000 ميجاوات أو أكثر قليلا، وهو الأمر الذى كان يمكن تعويضه ببناء محطتى كهرباء لإنتاج 9 آلاف و600 ميجا وات بنفس طاقة إنتاج محطتى العاصمة الإدارية وبنى سويف، وهى طاقة أكبر من إنتاج سد إثيوبيا، بثلاثة آلاف و600 ميجا وات وبالتكلفة نفسها، 5 مليارات دولار، بجانب أن السد يبعد عن أديس أبابا بمقدار 2500 كيلومتر. وهو ما يعنى تكلفة إضافية لمد خطوط الطاقة..
** هذا معناه أن اختيار بناء المحطات كان يمكن أن يكون أفضل من اختيار بناء السد إلا إذا كان نقص الموارد البترولية أو الغاز فى إثيوبيا يعوق فكرة بناء المحطات وبالتالى دفعت إثيوبيا إلى اختيار السد كمصدر لإنتاج الكهرباء..
** فى إثيوبيا وفرة مياه. وهى مورد طبيعى بلا تكلفة، حيث تسقط على هضبة الحبشة كميات أمطار تتراوح بين 930 و950 مليار متر مكعب. وتستغل إثيوبيا مقدار 65 إلى 70 مليار متر مكعب من تلك المياه. وهو أمر لا علاقة له بمصر ولا بحصتها التاريخية، وقدرها 55.5 مليار متر مكعب. ومن الأمطار الغزيرة فازت إثيوبيا بمراعى ومزارع تقدر بخمسين مليون فدان، بينما تملك مصر بكل وسائل المياه المتاحة ما يقرب من 9 ملايين فدان. وتلك الملايين تحتاج إلى تكلفة زراعة ومراع بينما ما تملكه إثيوبيا من مراع ومساحات زراعية لا تحتاج إلى تكلفة عالية.. وهذا يعنى أن حجة استئثار مصر بنهر النيل أمر يرقى إلى مستوى الخيال، ولن أقول الادعاء..
** لعبة المياه بين إثيوبيا ومصر قديمة للغاية. لكن هناك من يقف خلف الستار يحرك الخيوط. سواء بالتمويل أو ببيع الحماية. ومن مصادر عملة الحماية التى ستكون المقابل دراسات قديمة وسابقة تتحدث عن وضع شروط إثيوبية لدفع مياه النهر إلى اتجاهات يمكن أن تستقطع من حصة مصر أو ربما لمساومة مصر على الاحتفاظ بحصتها بشرط أن تمد اتجاه مياه النيل فى سيناء إلى حيث رفضت من قبل الدولة المصرية..
** حق إثيوبيا فى التنمية مشروع. لكن حق مصر فى الوجود لا يمكن أن يناقش أو يكون محل تفاوض أو مساومة.. وكثير مما تطلبه إديس أبابا من تصرفات أحادية تتعارض مع القانون الدولى والحقوق التاريخية والاتفاقيات السابقة واللاحقة بشأن الأنهار والمياه..
** إن حصار المياه، والضغط بالمياه، والاستئثار بخيرات المياه ينذر بما توقعه محللون قبل عشرات السنين. ويكفى النظر إلى دور تركيا فى خفض منسوب نهر الفرات وتأثير ذلك على العراق مثلا..
** المنطق يقول إن إثيوبيا تحتاج فعلا تنمية. وأن السد اختيار وحيد بتكلفة أقل من محطة كهرباء تدار بالغاز والبترول. لكن فى الأمر كله شبهات أخرى تحاول بها قوى إقليمية الضغط على مصر بتعطيشها ـ أو بالتحكم فيما تحصل عليه من مياه. والأمران فى غاية الخطورة..