توقيت القاهرة المحلي 10:28:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

العودة الأسبوعية للطفولة..!

  مصر اليوم -

العودة الأسبوعية للطفولة

بقلم: حسن المستكاوي

** أكثر من لعبة، هكذا بدأت جريدة الإيكومنيست الشهيرة والرزينة، مقالها عن كرة القدم. تلك اللعبة التى يمكن أن تصنع السلام فى دول تخوض شعوبها حروبا أهلية، وتساءلت الجريدة استنادا على دراسة نشرتها عن كرة القدم فى إفريقيا: هل ساعدت ركلة جزاء ضائعة فى إحلال السلام فى ساحل العاج فى عام 2005؟
** نحن نذكر ما جرى. فقد كان منتخب مصر يلعب مع الكاميرون التى كان يكفيها التعادل أو الخسارة لتذهب إلى كأس العالم فى ألمانيا، وحصل الفريق الكاميرونى على ركلة جزاء تصدى لها بيير وومى وأهدرها، وبكى لاعبو الكاميرون، لتتأهل ساحل العاج للمونديال وتشتعل فرحا، واندفع لاعبو الفريق وفى مقدمتهم ديديه دروجبا يدعون، عبر وسائل الإعلام المختلفة، بلدهم التى مزقتها الحرب الأهلية إلى السلام، وقال «أثبتنا اليوم أن جميع الإيفواريين يمكنهم التعايش واللعب معا».
** على مدى أكثر من 45 عاما أخذت أسجل وأتابع كل ما يتعلق بكرة القدم، وقرأت الكثير عنها، وتعاملت معها على أنها ليست مجرد لعبة، وإنما هى أكثر من ذلك، إن كرة قدم تستحق قراءة أعمق، وفهم أعمق لأسرارها ولجوهرها ولقيمها. وكذلك الرياضة بالطبع.
** الروائى إدواردو جاليانو الذى كان لاعبا لكرة القدم فى أوروجواى رأى أن كرة القدم عبارة عن رحلة حزينة من المتعة والواجب والمجد والخيبة والاستغلال والبؤس والحب والصراع بين الحرية والخوف، بينما وجدها الفيلسوف الجزائرى الأصل والفرنسى الجنسية ألبير كامو درسا فى تعلم الأخلاق والقيم النبيلة، ولأن اللعبة لها مدلول عميق، فإن الشعب الأرجنتينى حين عانى من أزمة خانقة وانهارت خلالها العملة، دفعت الطبقة المتوسطة إلى الثورة والتظاهر وارتدى المتظاهرون فانلات المنتخب الأرجنتينى التى كتبوا عليها «باستا» أى يكفى، وأعظم ظواهر المجد الأرجنتينى وهى كرة القدم استخدمت لأهانة الطبقة الحاكمة.
** مئات الكتب صدرت عن كرة القدم فى محاولات لفهمها، ويشرح الأديب المكسكيى خوان بيورو فى كتابه جنون المستديرة لماذا يشجع شخص ما فريق ما ويقول: «هناك من يفضل تشجيع الفريق القوى الذى يفوز بالبطولات والألقاب ويلعب كرة جميلة، فالبشر يختارون الناجح والمنتصر ليكونوا فى صفه، لكن القدر أحيانا يلعب لعبته ويختار المشجع فريق مدينته أو الحى، ويصبح مسلوب الإرادة الحرة منتميا إلى الفريق الذى يمثل مسقط رأسه بكل تعصب قبلى، وفى أحيان أخرى يكون تشجيع فريق بسبب حب من أول نظرة للاعب تغرم بمهارته وسحره الذى يقدمه، وتجسد فى هذا اللاعب كل أحلامك وأمالك.
** ويطول شرح خوان بيورو لفهم ارتباط مشجع بفريق وأسباب ذلك، ويقول: «عندما تشجع فريق بعينه تكون قطعت أى خط للرجعة، وصحيح هناك عقلاء ويفكرون ويغيرون فرقهم لأسباب مختلفة ولعل أولها سوء النتائج، لكن مشجع كرة القدم الحقيقى لا يتخلى عن الفريق الذى اختاره أبدا مهما ساء حاله. لماذا؟ يقول الأديب الأوروجويانى خوان بيرو فى كتابه جنون المستديرة: «لأنه يجد فى التخلى عن فريقه خيانة للمبادئ التى تربى عليها وإنكارا لذلك الطفل الذى كان والذى أمن بأن الأبطال يكونون فى رداء أبيض أو أحمر أو أصفر.. إن هذا المشجع الذى يتمسك بفريقه لا يجرؤ على خيانة ذلك النشاط الذى وصفه الكاتب الإسبانى خافير مارياس بأنه «العودة الأسبوعية إلى الطفولة».
** نعم هى أكثر من لعبة. وكل مباراة لكرة القدم بالنسبة لمشجع الفريق بمثابة عودة إسبوعية إلى الطفولة.. أليس كذلك؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العودة الأسبوعية للطفولة العودة الأسبوعية للطفولة



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon