بقلم: حسن المستكاوي
** منذ فترة عرفت فن الموسيقار الهولندى الشهير أندريه ريوو ذلك حين شارك بعزفه قبل مباراة أياكس وريال مدريد فى دورى أبطال أوروبا على ملعب يوهان كرويف أرينا عام 2019، ويومها تقدم أندريه ريو، إلى الملعب وسط حشد ضخم من الجمهور يقترب من 50 ألف مشجع، وقدم مقطوعة موسيقية حالمة جميلة، تفاعل معها الآلاف بالتلويح بالأعلام والتمايل طربا وإعجابا، وانتهت المباراة بفوز ريال مدريد 2/1.. وتقبل جمهور أياكس الهزيمة، وخرج من المباراة منتشيا بالأداء الراقى الممتع وبمحاولات لاعبى أياكس فى مواجهة أحد أقوى الفرق الأوروبية.
** كلما اشتقت إلى عالم ما قبل فيروس كورونا الضئيل الخسيس (هذا اسمه الثلاثى عندى وليس كوفيد 19)، أتوجه إلى اليوتيوب لمشاهدة إحدى حفلات أندريه ريو، إذ يحضرها آلاف، ويجلسون متجاورين، ويتمايلون ويرقصون طربا بموسيقاه، بينما هناك فرق كاملة من العازفين والراقصين بألوان زاهية يلعبون ألحانهم ويؤدون رقصاتهم ببهجة وسعادة أو أتوجه إلى مباراة كرة قدم معلبة ومجمدة لأنى أعرف نتيجتها وأشاهد هتافات وصيحات الجماهير التى تبدو لى قادمة من ماض سحيق مضى واختفى!
** أتابع الكثير من المشاهد قبل كورونا دون أن يتوقع إنسان بأن هذه المشاهد أصبحت حلما فيما بعد، كنا نعيش فى عالم كله نعم وخير ولم نكن نعرف ذلك، كنا نعيش فى عالم لم يكن يشغله سوى حفلاته ونموه واقتصاده وحروبه ومبارياته، عالم ظل مشغولا بقوته.
** هذا لا يعنى أبدا أن هذا العالم سيتخلى عن أحلامه وآماله أو يترك مصادر بهجته وسعادته بعد الانتصار على هذا العدو، وإنما سنرى عالما جديدا بقواعد جديدة حتى فى اللعب، فكيف لا يعود عشاق الموسيقى إلى حفلاتهم وكيف لا يعود ملايين المشجعين إلى مباريات كرة القدم، وكيف لا يعود الناس إلى السينما والمسرح والكافيهات والفنادق والمطاعم.. كيف نظل أسرى المسافة الاجتماعية أو المسافة الجسدية كما تغير التعبير من جانب منظمة الصحة العالمية؟.. هل يعقل أن نختصر 50 ألف مشجع فى استاد إلى عشرة آلاف فقط بسبب المسافة الجسدية؟
** العالم كله، مشغول بالتفكير فيما بعد كورونا، كل فى مجاله، يفكر فى صورة المستقبل الذى لا يعرف متى يأتى، حين يصبح كورونا مجرد ماض ويهزمه الإنسان بإذن الله.. لكن هل نفكر نحن أيضا فى عالمنا بعد كورونا. هل نعرف مثلا كيف يمكن أن نلعب كرة القدم؟ ربما نحن ننفرد بقصة «بدون جمهور» منذ سنوات، ولا يمثل الأمر لنا مشكلة كما هو الحال فى أوروبا التى تسمى اللعب بدون جمهور «مباريات أشباح».
** هل نفكر فيما هو قادم ومحتمل؟ ماذا لو سجلت الإنسانية غدا مثلا هدفا ذهبيا فى مرمى الفيروس الخسيس؟
** هل سنعلن عودة الدورى فورا؟ هل يمكن أن يعود بينما اللاعبون الأجانب فى بلادهم وإذا عادوا فلابد من فترة حظر 14 يوما فى مكان ما، وهل يمكن أن يعود اللاعبون إلى المباريات خلال أيام بينما هم يحتاجون إلى بدء فترة إعداد جديدة تقترب من خمسة أسابيع على الأقل، خاصة بعدما عشنا جميعا بضعة أشهر ونحن نمارس رياضة الأكل بحثا عن تقوية المناعة، فأصبح الكثير من اللاعبين من أصحاب وزن فوق الثقيل؟
** هل نفكر؟ هل ندرس؟ هل نضع سيناريوهات؟ هل ندرك؟ هل نعرف؟!