بقلم: حسن المستكاوي
** أصاب فيروس كورونا الخسيس كل شىء. أصاب البشر. وأصاب المجتمعات، وأصاب الاقتصاد وصناعات، وأصاب الفن، واصاب الإعلام. وأصاب الرياضة كلها، وأصاب كرة القدم بالقطع، وأصاب البهجة، وأصاب الأحلام التى تسكن خيال الناس.. لكن الحياة يجب أن تستمر وهو توجه سكان هذا الكوكب على الرغم من الأضرار التى أصابتهم، وسوف تستمر الحياة بإذن الله.
** أندية كبرى فى أوروبا والعالم يحوم حولها شبح الإفلاس، وبطولات وأبطال ولاعبون ولاعبات لاسيما على المستوى الاحترافى الأقل بدأوا يعيشون المعاناة. والمؤكد أن النشاط الرياضى عموما لن يعود كما كان حتى يهزم العلماء كوفيد 19 الخسيس. وكذلك سوف ينقلب حال سوق النجوم المحترفين لن يعود كما كان حتى بعد إنتصار الإنسانية على الفيروس.
** نفهم أن ينتقل لاعب مثل كريستيانو رونالدو أول لاعب فى التاريخ يجمع مليار دولار من كرة القدم، نفهم أن ينتقل إلى يوفنتوس بمائة مليون يورو أو أكثر قليلا. لكن النادى استرد ما دفعه فى اللاعب فى غضون ستة أشهر من حصيلة بيع فانلته. ونفهم أن يحصل ميسى على أجر بالملايين لأنه حين يغيب عن مباراة يخسر برشلونة آلاف الدولارات. إلا أن أسعار ومرتبات النجوم السوبر على المستوى العالمى أصابت سوق اللاعبين المحترفين بالجنون.. فلماذا يتعاقد ريال مدريد مع جاريث بيل بمائة مليون ولا يستفيد منه؟ ولماذا يحصل اللاعبون على مرتبات خيالية بينما الصناعة لا تدر الأرباح الخيالية إلا فى البريمييرليج، الذى يباع كمنتج بأربعة مليارات كل عام بينما الدورى الإسبانى والإيطالى والألمانى بربع هذا الثمن لمحطات التليفزيون؟
** الخسائر أصابت كل شىء وكل الأشياء فى الرياضة. أصابت الأندية وأصابت شركات الرعاية والدعاية والإعلان، وأصابت محطات التليفزيون. وأصابت كل لعبة وكل لاعب. ونقلت وكالة الأنباء الألمانية تصريحات مهمة للعديد من رجال صناعة كرة القدم فى العالم، وكيف أن انتهاء أزمة كورونا لا تعنى العودة إلى الإنفاق العبثى وإلى الإسراف. وصرح رومينيجه : « كان الأمر بمثابة سباق بين أبرز اللاعبين فى العالم. علينا أن نحاول تطبيع تجاوزات بعينها.. لاعبو كرة القدم كانوا يتقاضون مبالغ مالية هائلة مقارنة بالعمال العاديين. ولكن ما حدث فى السنوات العشر الماضية أدى إلى تطورات غير صحية».
** وفى رياضة التنس على سبيل المثال قد لا يعانى النجوم الأوائل من أى ضائقة مالية فهم كونوا ثروات ضخمة تكفيهم لو أصابهم الاعتزال. لكن هناك عشرات ومئات اللاعبين واللاعبات وربما الذين لا يحتلون المراكز الـ 75 الأوائل كما قال بوريس بيكر، وهؤلاء كان يكسبون عيشهم من المشاركة فى البطولات، فقط المشاركة، ويحصلون على رواتب أسبوعية بما يجمعونه من جوائز بسيطة. والأمر يسير على نجوم ولاعبين محترفين فى كل الألعاب. فهذا الجمود الذى أصاب الرياضة بات ضرره المادى والفنى بالغا. لكن الشىء الإيجابى هو أن جنون أسعار التعاقدات والمكافآت سوف يتوقف.. فقد شهدت الحركة الرياضية سباقا فى أسعار اللاعبين وسباقا فى قيمة جوائز البطولات أيضا..
** ما يسرى على الرياضة فى العالم يسرى على الرياضة المحلية وعلى كرة القدم وعلى أسعار اللاعبين والصفقات.. وانتظروا عالما رياضيا جديدا حين يشفى من فيروس كورونا وحين يسترد عقله وتواضعه..!