بقلم: حسن المستكاوي
** فى برنامجها «القاهرة الآن» على قناة «الحدث»، حاولت الزميلة لميس الحديدى انتزاع رأى واضح من السفير الأمريكى فى القاهرة جوناثان كوهين، يعبر عن موقف الولايات المتحدة من الدور التركى فى ليبيا. وكما جرت العادة لم يقدم السفير رأيا قاطعا ومباشرا فى تلك المسألة، وكلما دار الحوار، وتحولت لميس إلى المحاورة، يفلت السفير من الإجابة بدبلوماسية، فيتحدث عن «وقف إطلاق النار» وأن بلاده ترحب بذلك..!
** كنت أتابع الحوار وأسأل نفسى، كفيلسوف القرية، فى الدراما المصرية، لكن ماذا عن نقل تركيا لمرتزقة، وماذا عن تصريحات وزير الدفاع التركى، وماذا عن السفن التركية التى تنقل آليات مدرعة، وماذا عن نظام الدفاع الجوى الذى أقامته تركيا فى الوطية ودمرها طيران مجهول، أو حبيب مجهول، ماذا عن كل هذا وهو أمر مشهود، تراه الأعين، وتراه الطائرات، وتراه الأقمار الصناعية؟
** أدرك أن السفراء لا يفصحون عن سياسات بلادهم فى الحوارات الإعلامية. وأن السفراء يلعبون باللغة الدبلوماسية، من نوع الجمل المأثورة «بحث القضايا الثنائية، وتعزيز التعاون المشترك».. لكن السفير جوناثان كوهين مثل كل السفراء، فبجانب إجادته لخمس لغات، يدرس اللغة العربية، وحين سألته لميس عن المناطق والمدن التى يحب أن يزورها فى مصر قال الأقصر والساحل الشمالى. وعن الأولى ذكرته لميس الحديدى بأن الوقت صيفا والجو حارا هناك. وعن الثانية أسرع بأنها ستكون الزيارة الأولى لأن الجو هناك «لطيف» فى الساحل الشمالى. وأضاف بأنه يحب زيارة المدن المصرية على النيل، لأنه سفير أمريكا فى مصر وليس فى القاهرة.
** يحب السفير جوناثان كوهين الفول ولكنه لا يتناوله فى الإفطار، ويحب محمد صلاح، وهنا قال: «قيل لى أن الشىء الوحيد الذى يمكن أن أقوله عن كرة القدم فى مصر هو أننى أحب محمد صلاح دون أن يثير ذلك جدلا».. واللبيب بالإشارة يفهم. فالرجل يدرك أن منطقة الأهلى والزمالك ممنوعة، ويمكن أن تثير حساسيات.. وذكرنى هذا الجزء بحوار خاطف أجريته مع السفير الأمريكى السابق فرانك ويزنر فى مقصورة استاد القاهرة أثناء حضوره مباراة القمة رقم 63 بين الأهلى والزمالك..
** كنت أغطى المباراة «للأهرام» عام 1989 ودخل السفير الأمريكى إلى المقصورة الرئيسية، وأيامها لم تكن أمريكا نظمت كأس العالم 1994، ولم تكن كرة القدم لها شعبية، فتوجهت إليه وسألته: سعادة السفير هل تحب كرة القدم، فأجاب: نعم. وكان سؤالى الثانى مباشرة: من سيفوز اليوم. أو من تفضل أن يفوز اليوم الأهلى أم الزمالك. فقال: «أنا أحب الاثنين».
** يحب الاثنين، أو حائر بين الاثنين كما كانت الفنانة صباح حائرة بين الاثنين، والمجتمع كله حائر بين الاثنين، فى حالة دبلوماسية وإعلامية قديمة، على الرغم من أن أهل الفن فى الستينيات كانوا يعلنون عن معسكرهم المفضل.. لكننى شعرت بنكتة، ضربت فى رأسى على الفور، من خلال إجابة السفير فرانك ويزنر، والسفير جوناثان كوهين وهى «أن الإدارة الأمريكية على مر العصور يمكن أن تختلف فى أشياء فى سياساتها بمصر والشرق الأوسط، لكنها تتفق على أن سفراء بلادها غير مسموح لهم بالحديث عن الأهلى أو الزمالك لأنها منطقة خطرة»..!
** هل ترون إلى أين وصلت الدبلوماسية؟!