بقلم: حسن المستكاوي
** كنت أستعد لمتابعة مباراة ليفربول وليستر سيتى فى البريمييرليج، فى نفس توقيت مباراة الأهلى وأسوان فى «الإيجيبشان ليج».. فالثانية غالبا ستكون تقليدية، وربما تنتهى بفوز الأهلى بهدف، ثم يدافع عنه، فى ظل اللعب فى جو حار وشمس ساطعة لا ظل لها.. ذهبت إلى آنفيلد لكن المتعة كانت غائبة فى البداية.. عدت إلى أسوان فوجدت أهدافا.. لم أتوقع ذلك.. سجل أجايى شبح منطقة الجزاء. وهناك شبح آخر فى فريق آخر وهو تراورى نجم بيراميدز لكنه شبح ملعب كله وليس شبح منطقة جزاء، وكلاهما أجايى وتراورى يظهران فجأة دون أن يراهما الحراس والخصوم.
** من أيام فرقة محمد أفندى ناشد 1895.. يقول لنا المدربون إن أمام جمهور كرة القدم أحد خيارين: «إما الأداء الممتع أو النتيجة».. وسمعنا على مدى قرن من الزمان هذا المدرب الذى كلما خسر مباراة أو كسب مباراة بأداء سيئ يخبرنا بأنه قرر اللعب على النتيجة لأنها الأهم، وكان ذلك تمريرا وتبريرا للفشل.. وأفهم أن الفريق الأقل فى المستوى، قد يدافع، لكن الدفاع أيضا له وجه من المتعة حين يكون جيدا.. إلا أن سر الدورى الإنجليزى أنه مختلف، فكلهم يلعبون للفوز فأصل اللعبة هو البهجة والمتعة. وشعبية الفريق تصنعها البطولة وجمال الأداء..!
** لعب الأهلى مباريات جيدة وحقق نتائج جيدة. لكنه لم يواجه منافسا قويا باسمه وتاريخه ونجومه سوى الزمالك فى مباراة السوبر، وتألقه أمام الإنتاج ثم أسوان يرجع للتهديف المبكر الذى فتح المساحات بجانب براعة لاعبيه وسرعاتهم وقوة الفريق قطعا، فالإنتاج بدا ضعيفا لأن الأهلى كان قويا أمامه، وأسوان بدا ضعيفا لأن الأهلى أيضا كان قويا أمامه.. على الجميع إدراك ذلك، دون إغفال الإعجاب بالأداء وبالمدرب فايلر.. وليس فى ذلك انتماءات، فقد قلت شعرا فى عقل ميتشو فى مبارياته الأولى بمقال بعنوان: «الزمالك نجوم على قطعة شطرنج».. فنحن نجسد ما نراه ولا نجسد ما يتمنى المشجع للفريق أن يراه..!
** فى كتابه جنون المستديرة يقول الكاتب المكسيكى خوان بيرو إن الأديب الأوروجوايانى خوان كارلوس أونيتى يرى أن فى الحياة ما يسمى أكاذيب الضرورة، والخداع اللطيف الذى يريح أنفسنا، وفى كرة القدم هذا الخداع. ويوافقه مدرب منتخب الأرجنتين الشهير والفائز بكأس العالم 1978 لويس سيزار مينوتى الذى يقول: «ملعب كرة القدم هو المكان الوحيد الذى يمكن أن فيه أن أسمح لأى أحد أن يخدعنى ويحتال على وأنا سعيد»..!
** وفى أداء الأهلى خدع متنوعة واحتيال مشروع، ولا أعنى بذلك أنه كان واجبا أن يخرج مجدى عبدالعاطى المدير الفنى لفريق أسوان قائلا بأنه سعيد بالخدع التى فعلها فايلر خلال المباراة.. لكنه قال جملة من تلك الجمل التى باتت أقوالا مأثورة: «الأخطاء الفردية سبب رئيسى للخسارة».. وعفوا لو كان الفوز بهدف واحد فقد يكون بخطأ فردى حقا. لكن خمسة أهداف بخلاف الضائع، أمر لا علاقة له بالأخطاء الفردية، وإنما هى مسألة تراكمية ومعقدة، ترتبط بمهارت وسرعات لاعبين وتحركاتهم وخطط مدربهم وشخصية الفريق.
** سوف يرى كثيرون ذلك غزلا فى أداء الأهلى كما رأى كثيرون قبلهم حين أبديت إعجابى بأداء الزمالك أنه غزل فى الفريق.. وبرجاء تذكروا أن أصل مهنتنا تسجيل ما نراه مبدئيا وليس ما يتمنى المشجعون أن يروه.. وبرجاء أيضا راجعوا رأى سيزار مينوتى وإضافة كل علامات التعجب إذ كيف يكون المدرب سعيدا بمن خدعوه؟!