بقلم : حسن المستكاوي
** تعمل الدولة على إنجاح كأس الأمم الإفريقية بكل أجهزتها، وتعمل اللجنة المنظمة بكل طاقتها من أجل تحقيق النجاح.. لكن ما هو معيار النجاح فى مثل تلك الدورات؟
** الأغلبية ترهن نجاح تنظيم بطولة بالفوز بها، وهذا أمر لا علاقة له بكرة القدم التى علمت الناس بالممارسة وبالمشاهدة وبالمتابعة أن كل مباراة عبارة عن فيلم، له بداية معروفة، ونهاية لا يمكن أن نعرفها. وأن كرة القدم حافلة بالدراما. ولذلك لا يجب ربط النجاح بالفوز.. فألمانيا نظمت كأس العالم ولم تفز به وحصلت على المركز الثالث، وكوريا واليابان اشتركتا فى تنظيم المونديال واحتفلا بذلك ولم يحتفل أحدهما باللقب. وأتصور أن أهم ملامح النجاح هو نشر البهجة ونثرها، لأن ذلك من أهداف الرياضة، على الرغم من إدراكنا بأن الفوز ببطولة ما هو إلا إرضاء لكبرياء أى أمة.. لكن كيف تنتشر البهجة؟
** التنظيم الجيد والدقيق، والالتزام بالمواعيد، وتعزيز الإقبال الجماهيرى، بإعلاء الرغبة عند المشجعين على حضور المباريات، فيكون شراء التذاكر سهلا، وفى المتناول، ويكون دخول الملاعب والخروج منها منظما وبسيطا مهما كانت الإجراءات الأمنية شأن كل ملاعب العالم، وتكون الملاعب جاهزة، بأرضيتها، وبخدماتها المساعدة للجماهير، ومن ملامح التنظيم الجيد تطوير منظومة النقل التليفزيونى والإخراج.. بجانب توفير العديد من ميادين المشاهدة الجماعية فى شتى المحافظات، فيما يسمى بمناطق المشجعين.
** كل ما سبق هو بيديهات، فلا بطولة ناجحة دون كل هذا وأكثر منه، ومن المؤسف أن نكرر تلك البديهيات طوال سنوات، والتحدى الحقيقى أمام اللجنة المنظمة أن يعيش المجتمع أولا «حالة الأمم الإفريقية»، فالشعار فى كل مكان. والتعويذة خفيفة الظل، معبرة، وغير تقليدية، مثل ذاك التمساح الشهير الذى لم يكن تمساحا كما لم يكن أقل من تمساح. ولاشك أن تجربة كأس الأمم فى 2006 كانت رائعة، بالحضور الجماهيرى والتنظيم والترتيبات الأمنية الدقيقة وغير المعقدة. وكانت علاقة المصريين بعلم البلد ورمزها فى غاية الروعة..
** صناعة «حالة الأمم الإفريقية» فى المجتمع تحتاج إلى سرعة تحرك من الأن، فالبطولة على الأبواب.. وقبل شهر من انطلاق الدورة، يجب أن تطلق أغنية الحدث فى الإذاعات والمحطات الفضائية. كما يجب الاستعانة بفرق موسيقية تعزف ألحانها فى الميادين وفى الملاعب، ومنها العديد من الفرق الإفريقية لتقديم عروضها المبهجة، ثم لماذا لا ننظم معرضا فنيا إفريقيا خلال البطولة؟ أو ننظم معرضا اقتصاديا وتجاريا يصاحب الحدث؟
** نريد أفكارا غير تقليدية.. فكلما تذكرت مباراة أياكس أمستردام وريال مدريد التى بدأت بمعزف جميل لعازف الكمان الشهير أندريه ريو أحلم بحالة مماثلة، يندمج فيها جمهور كرة القدم مع الموسيقى ويحلق معها فى سماء البهجة.. أليست الرياضة نشاطا إنسانيا مبهجا ومتتعا هناك ويجب أن تكون كذلك هنا؟
** هو حلم فعلا.. وسوف يظل كل ما سبق حلما فضائيا إذا لم يحاسب اتحاد كرة القدم هذا الشخص الذى هدد حكم مباراة الزمالك والمقاولون بأنه «لن يخرج سليما من الملعب».. لأنه أخطأ التقدير. ففى أوروبا والدول المتقدمة وفى العالم الآخر إذا تثائب شخص فى وجه حكم فإنه يتعرض للإيقاف والعقاب العسير..!
نقلًا عن الشروق القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع