بقلم: حسن المستكاوي
** هل تظنون أن الفار سوف يحل المشكلة؟ هل ستقدم لنا تلك التقنية عدلا مؤكدا يوقف سيل الاحتجاجات على قرارات الحكام أم أن هذا السيل سوف يستمر مثل نبع ماء فى صحراء قاحلة يفيض بالماء لينهل منه من يريد؟!
** كنت أتمنى أن أترك التعليق على ما جرى فى مباريات أخيرة، ترسيخا لقاعدة أن أخطاء الحكام على الجميع، وأن الظلم عدل حين يكون على الجميع. لكن لم تعد جملة «الحكم بشر وأخطاء الحكام جزء من لعبة كرة القدم مقبولة ولا مسموعة ولا مقروءة ولا مطلوبة ولا مسموحة».. فلا يوجد نادٍ فى الدورى المصرى الممتاز لعب وخرج من أسبوع دون احتجاج على التحكيم.
** فى بيان صادر عن الإسماعيلى جاء: «ما حدث من حكم مباراة إنبى هو ظلم واضح؛ حيث قام الحكم باحتساب ضربة جزاء غير صحيحة، وتغاضى عن احتساب ضربتى جزاء صحيحتين بشهادة جميع من تابع اللقاء، وجاءت قرارات الحكم ومعاونيه طوال المباراة متضاربة وعكسية ولم يلتزم الحيادية خلال المباراة مما أثر على نتيجتها».
** فى بيان الاتحاد السكندرى جاء: «ما حدث من طاقم تحكيم مباراة المقاولون العرب فاق كل الحدود، وتخطى مرحلة حسن النوايا وأن مثل هذه الأخطاء التحكيمية التى تغير نتائج المباريات ومستقبل وترتيب الفرق أمر غير مقبول بالمرة».
** وأضاف البيان: «أوضحت الإعادة التليفزيونية شرعية الهدف بل وأقر الجميع سواء نقاد أو محللين بل وحكام بأنه هدف صحيح لنادى الاتحاد السكندرى وشاهد ذلك أيضا جميع من تابع اللقاء إلا حكام المباراة. هذا المستوى المتدنى لعنصر أساسى فى منظومة كرة القدم المصرية وهو التحكيم سيؤدى لا محالة إلى حدوث كوارث لا تحمد عقباها».
** البيانات لعبة خطيرة لأنها تضع الأندية أمام مواقف مسجلة لا يمكن التراجع عنها.. فماذا لو وقع خطأ آخر من التحكيم ضد الإسماعيلى أو الاتحاد؟ لكن السؤال المهم هل هى أخطاء متعمدة؟ الإجابة: هى لا.. هل هى أخطاء مهنية؟ الإجابة هى: نعم. وهذا يتطلب معالجات سريعة وفورية.
** الاعتراض على التحكيم ظاهرة عالمية، وأصبح الآن اعتراضا على الفار.. فالحكم يعد رمزا للسلطة، أو مندوبا عنها وسط حشد منقسم إلى نصفين. أحدهما مع طرف، والآخر مع طرف، وكلاهما فى صراع.. ويتصارع المشاهدون المحتشدون بالمدرجات بين فكرتين. بين فكرة رمز السلطة وبين فكرة مندوب العدالة.. ولأسباب كثيرة يتعرض هذا الرمز أو هذا المندوب للنقد والاعتراض والهجوم، ويكون ذلك فى حالات مفهوما لمواجهة ظلم وقع أو يكون تمريرا لهزيمة أو لفشل، ومما لا شك فيه أن العدالة فى ملاعب الكرة المصرية أصبحت يتيمة، فهى بلا أب يحميها، ولا مناخ يسمح بالممارسة الصحية، بعد أن اغتالتها الأفكار المسمومة.
** يتساءل فرانكو زوكالا الكاتب الإيطالى المتخصص فى كرة القدم عن ظاهرة الاعتراض العالمية على التحكيم: «هل يفضل الجمهور اللعبة عندما تكون مطعمة بالكثير من الجدل؟»
** هذا حقيقى نسبيا. لكن مع تغير عالم الصحافة وانتشار مواقع التواصل الاجتماعى من المؤكد أن أهم أسباب الجدل حول قرارات الحكام أنهم يتعرضون للمحاكمة فى كل مباراة بعشرات الكاميرات، فترصد الأخطاء التى قد لا يرونها، إلا أن النقد قديم، ورفض قرارات الحكام قديم، وأذكر أننى كتبت قبل 40 عاما أن حكام كرة القدم هم الرجال الذين نحب أن نكرههم.. الذين يحب يحب الجمهور أن يكرههم.. ولم يتغير أى شىء. بل على العكس زاد النقد، وزاد الرفض، وزادت الكراهية ولم يبحث إنسان واحد فى الاسباب الحقيقية بأمانة وموضوعية وبشجاعة؟!