بقلم: حسن المستكاوي
** نحن جيل حين بدأنا نقترب من حلمنا بمصر الجديدة.. «حصل اللى حصل».. وتلك حكايته باختصار.
** إحنا جيل اتولد على ثورة قالت فى البداية عن نفسها إنها حركة، وقال عنها أعداؤها إنها انقلاب. بينما هى كانت ثورة بحركة الشعب وتأييده.. إحنا جيل بدأ عمره وهو يرى الماضى كله ينسف، الملك فاسد، وثورة 1919 كأنها لم تكن، وإحنا الجيل الذى ذهب والده وعمه وخاله وأقاربه إلى اليمن كى يخوض حربا، خرج منها متعادلا، ولم نفهم كيف، وإحنا الجيل الذى عاش تأميم قناة السويس، وحرب 1956، وقيل له إنه انتصر على إنجلترا وفرنسا وإسرائيل، ثم أدرك بعد سنوات أنه كان نصرا سياسيا ومعنويا.. وإحنا الجيل الذى قال سوف نلقى بإسرائيل فى عرض البحر، فهاجمتنا من نفس البحر.. وخسرنا معركة قيل عنها إنها نكسة، مع أنها كانت كارثة.
** إحنا الجيل الصاعد الذى درس الفتح العثمانى فى المدرسة الابتدائية.. وفى آخر العمر طلع إنه الغزو العثمانى..!
** إحنا جيل يقول عن زمنه الزمن الجميل.. وهو يراه زمنا جميلا لأنه زمن شبابه.. وهو الزمن الذى كنا نرتدى فيه جميعا ملابس واحدة، قميصا أبيض، وبنطلونا رماديا، ونملك ثلاجة واحدة، وعربية واحدة، وتليفزيونا واحدا، ونرى مسلسلا واحدا.. ويطربنا مطربا واحدا، وتطربنا مطربة واحدة، وإحنا جيل ظل يغنى للوطنية، وتجرى دموعه مع الأغنية والوطنية.. وكمان جيل البلاك كوتس والبيتى شاه، الشعر الطويل، والبنطلون الشارلستون، وياقة القميص التى تشبه جناح الطائرة، إحنا جيل ظل يتابع مباراة كرة قدم واحد.. فى يوم واحد، ونستمع لمعلق واحد، ونقرأ لصحفى واحد.. جيل ولد على أننا شعب حائر بين الأهلى وبين الزمالك، ونغنى لتلك الحيرة..!
** هل كان كل ذلك جمالا وحظا جيدا أم أن التنوع هو الأجمل والاختيارات الحرة هى الأفضل؟
** كنا جيلا سعيدا وراضيا بأنه واحد، سعيد بسقوط الفروق، ومع ذلك كنا جيلا يحلم بتفاحة قادمة من الخارج أو بمعجون أسنان قادم من لندن فى حقيبة عائد.. نحن جيل ربط الحزام مع الثورة، وربط الحزام مع حرب اليمن، وربط الحزام مع العداون الثلاثى، وشد الحزام مع حرب 67، جيل رفض الهزيمة ولم يصدق اسمها اللطيف بأنها نكسة، جيل عاش فى الخنادق سنين، وعاش فى الصحارى سنين، جيل خاض حرب الاستنزاف، جيل قرر يحارب مهما كان الثمن، جيل خرج فى مظاهرات مطالبا رئيسه بالحرب، وحاربنا وانتصرنا فى معجزة عسكرية بكل المقاييس، لأننا هزمنا المستحيل الذى كان.
** إحنا الجيل الذى كان صاعدا.. جيل انتظر 50 سنة واستعد كى يفك الحزام.. فجاء انفتاح الحرامية، وجاءت انتفاضة الحرامية.
** جيل عاش الطورائ فى 1981، وحارب الإرهاب فى الثمانينيات والتسعينيات وما زال يحارب هذا الإرهاب.. إحنا جيل عاش بيغنى لحرارة تليفون عندما تأتى، وللنيل حين يجرى.. جيل عاش الإصلاح الاقتصادى فى 1982، وفى 1992، وفى 2002، وعندما بدأنا نجنى ثمار الإصلاح قامت ثورة 2011، وثورة 2013، وعشنا حظر التجول، وعشنا مرارة التخريب والدمار.
** إحنا جيل قام ببناء كل طوبة فى حياته بجهده وعمله وعرقه.. وإحنا أيضا جيل يُدرس لأولاده، ويُدرب أولاده، ويفعل كل شىء لأولاده، وبعد العمر ده كله بدأنا نعيش أجمل لحظات، نعيش حلم مصر الجديدة، فجاء لنا فيروس اسمه كورونا، جاء مخصوص من أجلنا إحنا الجيل الصاعد الذى أصبح من كبار السن..!