توقيت القاهرة المحلي 05:32:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

معضلة غزة ... إسرائيلياً

  مصر اليوم -

معضلة غزة  إسرائيلياً

بقلم - أسعد تلحمي

 يكاد السياسيون الإسرائيليون بمعظمهم يتفقون على أن الحكومة تفتقر إلى سياسة أو استراتيجية واضحة في شأن التعاطي مع قطاع غزة، باستثناء لغة الحرب والبطش.

من جهة، يتفقون على أن الأوضاع المعيشية اليوم لأكثر من مليوني فلسطيني يقيمون في مساحة ضيقة لا تزيد على 360 كيلومتراً على وشك الانهيار فالانفجار، ومن جهة أخرى ترفض الحكومة المساهمة الجدية في تخفيف وطأة الحصار التجويعي المفروض على القطاع منذ أكثر من 11 سنة.

السياسة الوحيدة التي تتبناها الحكومة على مركباتها المختلفة وتقنع الإسرائيليين بها تقوم على أن غزة هي «حماس»، وعليه على سكانها أن يعانوا نتيجة حكم هذه الحركة، فيما تغسل إسرائيل يديها الآثمتين.

الصور التي رآها العالم من مسيرات العودة نحو الحدود الجنوبية لإسرائيل كانت لمسيرات شعبية حشدت الغزيين على مختلف مشاربهم يحملون أعلام فلسطين لا أعلام حركة «حماس» أو غيرها من الفصائل، لكن إسرائيل عمدت في دعايتها لشعبها وللعالم بأن المسيرات «إرهابية» تقودها «حماس» لتبرر عدد القتلى الرهيب في مجزرة الاثنين الأسود.

قبل أيام نجح صحافي إسرائيلي في بث تحقيق صحافي أجراه في قطاع غزة شمل مقابلات مع غزيين من تجار وغلابى ومحللين اتفقوا على أن مرد الأوضاع المتدهورة في القطاع هي السلطة الفلسطينية في رام الله، ثم الحصار الإسرائيلي وثالثة في التدريج حركة «حماس». أثار التحقيق الإسرائيلي غضب سدنة الدولة والشارع اليميني عموماً متهمين إذ قوّض دعايتهم. لا يريد الإسرائيليون مشاهدة حية لأوضاع الغزيين. هذه الصور تعكّر المزاج العام القائم على «غسل دماغ» بأن «حماس» هي أساس البلاء فتسحب البساط من تحت «تبريرات» الحصار والقمع.

ولعل السؤال «غزة إلى أين»؟ هو أكثر الأسئلة التي تزعج أركان الحكومة باستثناء وزير النقل والمخابرات يسرائيل كاتس الذي اعترف بأن لا جواب لدى الحكومة على هذا السؤال لأنها لم تضع ذات يوم استراتيجية واضحة بل تتفادى وضعها.

لا يتهم كاتس هذه الحكومة حصراً إنما جميع الحكومات، ليستذكر رئيس «الشاباك» السابق آفي ديختر أن قضية القطاع أشغلت بال رئيس الحكومة السابق إسحاق رابين وأنه فاجأ ذات قادة المؤسسة الأمنية، قبل أشهر من التوقيع على اتفاقات أوسلو 1993، بسؤال أثار استغرابهم: «ألا يمكن قطع قطاع غزة بالمنشار وجعلها تطفو على سطح البحر؟

لم تتغير نظرة الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة إلى القطاع، سواء إبان إدارة جيش الاحتلال له، أو بعد «الانفصال» عنه عام 2005.

ديختر نفسه يقول أن الحل بيد الغزيين أنفسهم الذين سيبقون يعيشون معاناتهم طالما لم ينتفضوا ضد «حماس» ويسقطوها عن الحكم، ويتفق معه مسؤول أمني آخر بتوصيفه بأن «حماس» سرطان في العنق. ويستبعد قادة المؤسسة الأمنية الحاليون والسابقون حلاً سلمياً مع القطاع. أحدهم يقترح سلاماً اقتصادياً بشروط تكاد تكون تعجيزية، ويحذر آخر من أن الغزيين على شفا الهاوية ما يستوجب على إسرائيل الانتباه من دفعهم إلى أعماق الهاوية لأن إسقاطات ذلك سترتد إلى نحرها.

مع صعود «حماس» الانقلابي إلى الحكم عام 2007، أعلنت إسرائيل أن هدفها هو إسقاط الحركة، لكن بعد أربع سنوات عدّلت مقاربتها وقررت أنه من مصلحتها أن يكون لها عنوان في القطاع، من منطلق أن البديل عن «حماس» سيكون أسوأ: السلفيين والجهاديين، لكن شرط أن يكون عنواناً ضعيفاً عسكرياً ملجوماً ومرغَماً على لجم الفصائل السلفية والجهادية وغيرها.

تتمنى إسرائيل أن يتبخر القطاع، هذه البقعة الصغيرة والضيقة غير المرغوب فيها، عن الخريطة. ولكن، ومع إدراكها بأن حلمها لن يتحقق فإنها ترى أن الحل «الأنسب» في الراهن يقوم على شن عملية عسكرية تدميرية واسعة على القطاع، مرة كل بضع سنوات، تستهدف فيها قدرات حركة «حماس» العسكرية، وقد قامت بثلاث عمليات من هذا القبيل في السنوات العشر الأخيرة. ستحيط نفسها بمزيد من الأسيجة والجدران تاركةً سكان القطاع في سجن كبير يتنفس بقواته الذاتية وبصعوبة بالغة، معتقدة أن هذه الجدران ستحميها أو تعفيها من مسؤوليتها عن الحصار، حتى تصحو لاحقاً من هذا الوهم فتقوم بعملية عسكرية أخرى.

المصدر : جريدة الحياة اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معضلة غزة  إسرائيلياً معضلة غزة  إسرائيلياً



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon