توقيت القاهرة المحلي 11:05:58 آخر تحديث
  مصر اليوم -

معضلة غزة ... إسرائيلياً

  مصر اليوم -

معضلة غزة  إسرائيلياً

بقلم - أسعد تلحمي

 يكاد السياسيون الإسرائيليون بمعظمهم يتفقون على أن الحكومة تفتقر إلى سياسة أو استراتيجية واضحة في شأن التعاطي مع قطاع غزة، باستثناء لغة الحرب والبطش.

من جهة، يتفقون على أن الأوضاع المعيشية اليوم لأكثر من مليوني فلسطيني يقيمون في مساحة ضيقة لا تزيد على 360 كيلومتراً على وشك الانهيار فالانفجار، ومن جهة أخرى ترفض الحكومة المساهمة الجدية في تخفيف وطأة الحصار التجويعي المفروض على القطاع منذ أكثر من 11 سنة.

السياسة الوحيدة التي تتبناها الحكومة على مركباتها المختلفة وتقنع الإسرائيليين بها تقوم على أن غزة هي «حماس»، وعليه على سكانها أن يعانوا نتيجة حكم هذه الحركة، فيما تغسل إسرائيل يديها الآثمتين.

الصور التي رآها العالم من مسيرات العودة نحو الحدود الجنوبية لإسرائيل كانت لمسيرات شعبية حشدت الغزيين على مختلف مشاربهم يحملون أعلام فلسطين لا أعلام حركة «حماس» أو غيرها من الفصائل، لكن إسرائيل عمدت في دعايتها لشعبها وللعالم بأن المسيرات «إرهابية» تقودها «حماس» لتبرر عدد القتلى الرهيب في مجزرة الاثنين الأسود.

قبل أيام نجح صحافي إسرائيلي في بث تحقيق صحافي أجراه في قطاع غزة شمل مقابلات مع غزيين من تجار وغلابى ومحللين اتفقوا على أن مرد الأوضاع المتدهورة في القطاع هي السلطة الفلسطينية في رام الله، ثم الحصار الإسرائيلي وثالثة في التدريج حركة «حماس». أثار التحقيق الإسرائيلي غضب سدنة الدولة والشارع اليميني عموماً متهمين إذ قوّض دعايتهم. لا يريد الإسرائيليون مشاهدة حية لأوضاع الغزيين. هذه الصور تعكّر المزاج العام القائم على «غسل دماغ» بأن «حماس» هي أساس البلاء فتسحب البساط من تحت «تبريرات» الحصار والقمع.

ولعل السؤال «غزة إلى أين»؟ هو أكثر الأسئلة التي تزعج أركان الحكومة باستثناء وزير النقل والمخابرات يسرائيل كاتس الذي اعترف بأن لا جواب لدى الحكومة على هذا السؤال لأنها لم تضع ذات يوم استراتيجية واضحة بل تتفادى وضعها.

لا يتهم كاتس هذه الحكومة حصراً إنما جميع الحكومات، ليستذكر رئيس «الشاباك» السابق آفي ديختر أن قضية القطاع أشغلت بال رئيس الحكومة السابق إسحاق رابين وأنه فاجأ ذات قادة المؤسسة الأمنية، قبل أشهر من التوقيع على اتفاقات أوسلو 1993، بسؤال أثار استغرابهم: «ألا يمكن قطع قطاع غزة بالمنشار وجعلها تطفو على سطح البحر؟

لم تتغير نظرة الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة إلى القطاع، سواء إبان إدارة جيش الاحتلال له، أو بعد «الانفصال» عنه عام 2005.

ديختر نفسه يقول أن الحل بيد الغزيين أنفسهم الذين سيبقون يعيشون معاناتهم طالما لم ينتفضوا ضد «حماس» ويسقطوها عن الحكم، ويتفق معه مسؤول أمني آخر بتوصيفه بأن «حماس» سرطان في العنق. ويستبعد قادة المؤسسة الأمنية الحاليون والسابقون حلاً سلمياً مع القطاع. أحدهم يقترح سلاماً اقتصادياً بشروط تكاد تكون تعجيزية، ويحذر آخر من أن الغزيين على شفا الهاوية ما يستوجب على إسرائيل الانتباه من دفعهم إلى أعماق الهاوية لأن إسقاطات ذلك سترتد إلى نحرها.

مع صعود «حماس» الانقلابي إلى الحكم عام 2007، أعلنت إسرائيل أن هدفها هو إسقاط الحركة، لكن بعد أربع سنوات عدّلت مقاربتها وقررت أنه من مصلحتها أن يكون لها عنوان في القطاع، من منطلق أن البديل عن «حماس» سيكون أسوأ: السلفيين والجهاديين، لكن شرط أن يكون عنواناً ضعيفاً عسكرياً ملجوماً ومرغَماً على لجم الفصائل السلفية والجهادية وغيرها.

تتمنى إسرائيل أن يتبخر القطاع، هذه البقعة الصغيرة والضيقة غير المرغوب فيها، عن الخريطة. ولكن، ومع إدراكها بأن حلمها لن يتحقق فإنها ترى أن الحل «الأنسب» في الراهن يقوم على شن عملية عسكرية تدميرية واسعة على القطاع، مرة كل بضع سنوات، تستهدف فيها قدرات حركة «حماس» العسكرية، وقد قامت بثلاث عمليات من هذا القبيل في السنوات العشر الأخيرة. ستحيط نفسها بمزيد من الأسيجة والجدران تاركةً سكان القطاع في سجن كبير يتنفس بقواته الذاتية وبصعوبة بالغة، معتقدة أن هذه الجدران ستحميها أو تعفيها من مسؤوليتها عن الحصار، حتى تصحو لاحقاً من هذا الوهم فتقوم بعملية عسكرية أخرى.

المصدر : جريدة الحياة اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معضلة غزة  إسرائيلياً معضلة غزة  إسرائيلياً



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 00:01 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

"لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا"
  مصر اليوم - لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»

GMT 20:44 2021 الأربعاء ,15 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تتعرض للخيانة الزوجية من صديقتها المقربة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon