بقلم - صبري غنيم
وأخيرًا، تنبهت الأسرة المصرية إلى التعليم التكنولوجى كبديل للتعليم الثانوى العام، فلم تعد الثانوية العامة بعبع الأسرة المصرية، حيث اتجهت الأسرة إلى إلحاق أبنائها وبناتها بالتعليم الفنى العام، بعد أن تعددت برامجه وأصبح يشمل التكنولوجيا في جميع المجالات، حتى اتجهت الدولة إلى هذا التحول فتوسعت في افتتاح الجامعات الأهلية وأصبحت هذه الجامعات تؤهل خريجيها إلى الماجستير والدكتوراه، وأجازت التحول إلى كليات الهندسة بالجامعات المصرية.. معنى الكلام أننا في الطريق الصحيح وأصبحنا على أول السطر، يتعلم أولادنا كل شىء في التكنولوجيا، وهذه هي حاجة مصر الفعلية: الاتجاه إلى التصنيع.. فنحن في حاجة إلى زيادة الإنتاج بافتتاح المنشآت الصناعية لخدمة المشاريع الصغيرة.
مصر فعلًا في حاجة إلى تصنيع الآلات الصغيرة التي تدخل في تحريك التكنولوجيا، ولا يعيب مصر يومًا أن ترسل بعثات إلى ألمانيا وإلى الدول الصناعية الكبرى لإعداد الكوادر الفنية التي تتولى تعليم النشء الصغير التكنولوجيا.. لا نريد أن تكون مصر مشهورة فقط بصناعة المنسوجات، ولكن نريدها أن تكون مثل تايوان في تصنيع قطع غيار الكمبيوتر، على اعتبار أنه من المستلزمات الضرورية للحياة التكنولوجية، فإذا كنا نستورد قطع الغيار بالعملة الصعبة في الوقت الذي نستطيع تصنيعها، فلماذا نقف مكتوفى الأيدى؟!.
إن من يزور مدينة «بنى سويف»، يجد أول مصنع لصناعة التليفون المحمول المصرى على أراضيها، مع أن بنى سويف محافظة زراعية ولكنها اليوم على خريطة العالم الصناعية أصبحت مدينة صناعية تصنع التكنولوجيا، وهو المطلوب في باقى المحافظات أن تكون بها مصانع للتكنولوجيا لا تكون مقصورة على الشبان فقط، نريد أن تحظى البنت المصرية بنصيب كبير في صناعة التكنولوجيا، وأنا على ثقة بأن البنت المصرية بذكائها تستطيع أن تصنع المعجزات.. لماذا تنتشر مدارس اللغات ولا تنتشر مصانع التكنولوجيا على أرض مصر؟!. المصيبة أن رجال الأعمال يعرفون الحقيقة، ولذلك اتجهوا إلى تأسيس مدارس اللغات على اعتبار أنها تحقق أرباحا خيالية، وتجاهلوا الصناعات الصغيرة، في حين أن بلدنا في حاجة فعلية إلى وجود مصنع في كل قرية مصرية على الأقل يستوعب العمالة التي تهاجر مصر لخدمة المعمار في البلاد العربية.. نحن لا نريد لأولادنا المرمطة، ولكن نريدهم سفراء لنا في الدول العربية في الصناعات الصغيرة.. مصيبتنا أن العالم لديه انطباع بأن مصر بلد استهلاكى وليست بلدا إنتاجيا، لابد أن تتغير هذه النظرة ويصبح الإنتاج عنوانا لكل شارع ولكل حارة مصرية.
إننى أهيب بوزارة الداخلية أن تفكر في مشروع لتشغيل المتسولين الذين يطاردون المارة والسيارات ويشوهون صورة الشارع المصرى، هذه الطاقات من الممكن أن تتحول إلى طاقات منتجة في عدة مجالات، منها: التصنيع الفنى والتصنيع الزراعى، وبذلك نسلم من موجة الغلاء واختفاء السلع الغذائية، وسيصبح كل شىء متوافرًا وبأيدٍ مصرية.