بقلم - صبري غنيم
- بالأمس، تذكرت ما حدث لى فى مارينا العام الماضى، حيث تعرضت لجلطة دماغية وصفها الأطباء بأن الله - سبحانه وتعالى - أحدث معجزة وأبعد عنى توابع الجلطة من شلل أو عجز كلى، لأن الحالات التى كانت فى وضعى وأصيبت بمثل هذه الجلطة تفقد الكلام ويحدث لها شلل فى النصف الأيمن من الجسم.. لكن فضل الله كان كبيرًا، فقد امتدت يده إلى جسدى واحتضنتنى.. وكم كان الله سبحانه وتعالى كريمًا معى أن وفّر حقنة إذابة الجلطات فى مستشفى العلمين.
ونادرًا جدًا جدًا أن يحتفظ مستشفى حكومى بمثل هذه الحقنة. الأطباء الذين استقبلونى وأنا بحالتى قالوا لمرافقى إن الله أراد له عمرًا جديدًا، لأن لدينا حقنة واحدة تحتاج جرعة شجاعة لكى نضخها فى الوريد لإيقاف النزيف الداخلى فى المخ، وكان ابنى الدكتور حسام غنيم على التليفون معهم فى القاهرة، وطلب من الأطباء أن يتشجعوا ويضخوا الحقنة فى الوريد على مسؤوليته كطبيب وكابنى.. وأحمد الله أن تشجع الأطباء فى وقتها وأعطونى الحقنة وتوقف النزيف وأصبحت فى غرفة الرعاية حتى جاء ابنى الدكتور حسام من القاهرة فجرًا، وكانت زميلتى الكاتبة الصحفية وفاء الغزالى وقتها قد اتصلت بوزيرة الصحة السابقة وأيقظتها من النوم ونقلت لها خبر إصابتى بالجلطة.
- الشهادة لله، لم تتأخر وجهّزت عربة إسعاف معدة بكل الأجهزة من أكسجين وضغط وغيرهما وحملتنى إلى القاهرة، بناءً على طلب ابنى الذى جهز لى فريقًا من أطباء المخ والأعصاب فى مستشفى الصفا بالقاهرة، وطبعا أنا فى غيبوبة تمامًا.
- وفى الصباح، وجدت صُغرى بناتى فى غرفة الرعاية ومعها وفاء الغزالى، تخيلت أننى فى بيتى فى مارينا، وأن وفاء وابنتى جاءتا لزيارتى فطلبت منهما أن تقضيان اليوم ولا تعودان الى القاهرة إلا فى اليوم التالى، وفهمت من الحوار أننى فى وعكة خطيرة جدًا ومطلوب منى عدم الكلام والاستسلام.. وفجأة، دخل علينا الأستاذ الدكتور إيهاب شاكر، أستاذ المخ والأعصاب، وطلب منى أن أرفع يدى اليمنى وأحرك قدمى اليمنى، وفجأة أصبح يردد: «الحمد لله، الحمد لله»، وقال لى: «لقد كتب الله لك عمرًا جديدًا، أكيد أنت بتستثمر مع الله فى أعمال الخير، ووقفتك جنب الضعفاء وجبران خاطر المحتاجين»، كل هذه هى أدوات الاستثمار مع الله، فالله سبحانه وتعالى له حكمة، أراد أن يجعلك قدوة للآخرين، ويؤكد أن الاستثمار معه تجده وقت المحن والكوارث، فالله امتدت يده إليك فى هذه الكارثة، فإنسان آخر مكانك كان قد أصبح يعانى من شلل نصفى، فدعوت الله: الحمد لله.. وفى هذه اللحظة غرغرت عيناى بالدموع وقلت: الحمد لله يارب.
- الله سبحانه وتعالى دائما يمنحنى القوة والقدرة على مساعدة الضعيف، ما من ضعيف لجأ إلىَّ وأغلقت الباب فى وجهه، وقلت هذه دعوة الحاجة التى حققت لها مطلبها فى سفر ابنتها معها إلى الحج لترافقها فى إحدى بعثات حج مصر للطيران، وقال أفراد البعثة إن هذه السيدة لم تكف عن الدعاء لك، لأننى سهلت سفر ابنتها معها فى الحج لأنها كفيفة وكانت فى حاجة إليها لمساعدتها، فإذا تعثر سفر البنت كان قد ألغى سفر الأم إلى الحج، لكن الله سبحانه وتعالى كتب للأم وللابنة حجة، وهذا هو نتيجة اللجوء إلى الله بقلب مفتوح وقلب خاشع.
- الحمد لله أننى أشهد وأفخر بأننى أحد الذى اختصهم الله فى قضاء حوائج الناس، حببهم فى الخير وحبب الخير فيهم.. فعلًا، جبر الخواطر مهم جدا.. أن تجبر بخاطر ضعيف ثوابه كبير عند الله.. فعلًا إن الاستثمار مع الله فى الخير وجبر خاطر الضعيف عائده كبير جدًا.
- كلما جاء هذا اليوم، أرفض دخول مارينا، حتى لا أتذكر ما حدث لى.