توقيت القاهرة المحلي 14:45:30 آخر تحديث
  مصر اليوم -

آخر مستبدي أوروبا

  مصر اليوم -

آخر مستبدي أوروبا

بقلم: حمد الماجد

رئيس بيلاروسيا، ألكسندر لوكاشينكو، الذي يمثل آخر معاقل حكم الفرد في أوروبا، أو كما يصفه الغربيون «آخر طاغوت في أوروبا»، يترنَح هذه الأيام بفعل الاحتجاجات الجماهيرية الحاشدة، وضجر الشعب البيلاروسي الذي يطمح لأن تنضم بلاده إلى مصاف الدول الديمقراطية المزدهرة.
خصوم الرئيس الديكتاتور البيلاروسي يرون فيه استبداد فرانكو، وقسوة تشاوسيسكو، ومكر علي صالح، وصلابة كاسترو، وعزلة الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون. وهذا في تقدير عدد من المراقبين مبالغ فيها، بدليل وجود المظاهرات والمسيرات والاحتجاجات والانتخابات «الشكلية». صحيح أن ليس لها أثر جوهري على تداول السلطة، بدليل سيطرة زعيمها الأوحد لوكاشينكو على نتائج الانتخابات، وتربعه على كرسي الرئاسة نحو ربع قرن، لكنه لا يُقارن أبداً بالقذافي وكيم جونغ أون والأسد أو تشاوسيسكو في دمويتهم وقمعهم.
يحدثني رجل أعمال سعودي له مصالح تجارية مع البلد، مشيداً باستقرار البلد وقوة البنية التحتية من صحة وتعليم وأمن ووسائل نقل عام ورخص في السلع، لكن مع نقص في الكماليات المتوفرة في دول الجوار الغربية، فلا تُقارن بيلاروسيا في عهد هذا الرئيس القوي برومانيا ولا بلغاريا، ولا حتى البوسنة.
يؤمن لوكاشينكو بالسلفية السوفياتية الشيوعية، ولا يستوعب ولا يؤمن بأي تغيير أو تطوير، فرفض برامج الخصخصة والانتقال إلى الملكية الفردية، حتى ذاك التحول الذي صار في معقل الشيوعية في موسكو التي خلخلها خروشوف، وأجهز عليها غورباتشوف بالضربة القاضية بقفاز البريسترويكا، بل بلغ من «سلفيته» الشيوعية المتشددة أنه حافظ على القبضة الشرسة لجهاز الـ«كي جي بي» الرهيب، رافضاً حتى تبديل اسمه، ولو للتمويه. وكما هي انتصارات زعامات الاستبداد في الانتخابات الصورية، فقد تتابعت انتصارات الزعيم «الملهم» في الانتخابات، لكنه أكثر حياء من عدد من انتخابات زعامات دول العالم الثالث ذات النسبة الملامسة لسقف الـ99 في المائة، فتنازل وجعل مؤشر انتصاراته في الانتخابات الخمسة يتأرجح حول الـ80 في المائة.
صحيح أن «الأب» لوكاشينكو، وهذا ما يحب أن يُنادى به، قد نجح حين تسلم السلطة منتصف التسعينيات في محاربة الفساد والجريمة المنظمة و«المافيات» التي كادت تنهش جسد بيلاروسيا، لكنه جعل هذا النجاح مبرراً للسيطرة على مقاليد الحكم، ليحول بيلاروس في ربع قرن إلى ما يشبه جمهورية سوفياتية مصغرة تكاد تكون مكتفية ذاتياً، لكنها معزولة.
أما الدب الروسي بوتين فيرقب الوضع مع حليفته بيلاروسيا، ودهاؤه يجعله لا يكترث بمحاولات الرئيس البيلاروسي لوكاشينكو افتعال تهديد من الخارج لجر قدم روسيا لتدخل عسكري خطير، حتى لو أثمرت الاحتجاجات عن عزل لوكاشينكو، ما دامت بيلاروسيا ستواصل دورانها حول الفلك الروسي، بالتزامها باتفاقيات الوحدة الحكومية والتعاون الاقتصادي والعسكري.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

آخر مستبدي أوروبا آخر مستبدي أوروبا



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 13:16 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon