بقلم: حمد الماجد
من حق السعوديين أن يرفضوا حشرهم في ركن الشرح والاعتذار والتبرير في كل مرة يرتكب أحد السعوديين جريمة إرهابية أو جنائية، كتلك الجريمة المروّعة التي وقعت في فلوريدا وارتكبها ضابط سعودي متدرب، فليس ثمة من له أقل القليل من العقل والإنصاف يقبل بأن تزر وازرة وزر أخرى، كما أنه لم يُجْمع أتباع الملل والنِّحل وعلماء الأجناس والأنثروبولوجيا، بل وكل عقلاء البشرية على شيء مثل إجماعهم المطبق على عدم تحميل الأديان ولا الأجناس ولا الأوطان جريمة ارتكبها أحد أتباع هذه الديانات أو المذاهب أو الأجناس أو الأوطان، ومن يعمِّم فهو موتور مأزوم النفسية متَّهم في عقله، ولهذا لم نسمع بمنتمين إلى وطن أو دين أو عِرق يدافع أحدهم عن دينه أو وطنه أو عِرقه بسبب جريمة ارتكبها منتمٍ إلى دين بعينه أو جنسه أو جنسيته، فحين ارتكب المجرم النيوزلندي جريمته الإرهابية الرهيبة بقتله عشرات المصلين في أحد مساجد كرايستشيرش النيوزيلندية، لم يعتذر أحد من أتباع ملّته أو مذهبه أو عِرقه أو وطنه عن الجريمة، وقد حصد موقف رئيسة الوزراء النيوزيلندية من تلك الجريمة ترحيباً واحتراماً محلياً وعالمياً كبيرين، فقط لأنها نددت بالحادث بقوة وتعاطفت بصدق مع ضحايا الجريمة الإرهابية وتوشحت بالحجاب في خطابها ثم وهي تلتقي ذوي الضحايا، لكنها بالتأكيد لم تكن اعتذارية، وقُلْ ذات الشيء عن جريمة فلوريدا، يكفي فيها التنديد بها بقوة والتعاون مع السلطات الأميركية في كشف خيوط الجريمة وتتبعها إن كانت لها أي خطوط أو امتدادات.
يؤسفنا أن عدداً من الدوائر الغربية التي تدعمها مؤسسات اليمين المتطرف وتؤزّها إلى التحرش بالبريئين أزَّاً، هي التي تقود عملية الابتزاز المبتذلة المرفوضة سواء ضد السعوديين ووطنهم أو ضد المسلمين وديانتهم، وتعززت هذه الهجمة الابتزازية الشرسة بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) الإرهابية، حتى أمسى هؤلاء اليمينيون المتطرفون ومن يدعمهم من الدوائر السياسية والإعلامية يرشقون تهمهم على السعودية كلها؛ ديانتها ومذهبها ومسؤوليها ومؤسساتها الرسمية والشعبية ومناهجها وتعليمها ومساجدها، اتهامات لا تُبقي ولا تذر، وراحوا يؤلّبون ضحايا هجمات 11-9 للتحرك ضد كيان السعودية، وجندت لذلك عدداً من كبريات شركات المحاماة تبحث بالمناقيش عن شبهات تافهة بغية تثبيت التهمة قضائياً على الكيان كله، لجني المليارات وتشويه السمعة.
ويؤسفنا أن الموقف الاعتذاري الهزيل يكاد يكون سمة لعدد من الذين يمثلون عدداً من الدول العربية والإسلامية ومؤسساتها الرسمية أو الشعبية في المحافل الدولية، فقد حضرت عدداً كبيراً من المؤتمرات والدورات وورش العمل حول حوار الأديان والثقافات أو حقوق الإنسان، والأغلبية الساحقة من المشاركين حتى في المؤتمر الواحد يكررون ذات الفكرة وذات النصوص وذات المنهج الاعتذاري الهزيل الذي يركز على سرد النصوص التي تُخلي ساحة الإسلام من تهمة الإرهاب إلى النصوص التي تدل على تعزيز الدين الإسلامي لفكرة الحوار، وإذا التفتَّ إلى المشاركين من المِلل والنِّحل الأخرى ألفيتهم يركزون على موضوع المؤتمر دون الرجوع إلى أدبيات دياناتهم ومذاهبهم ودون أن يكونوا اعتذاريين مهزومين مأزومين.