بقلم : حمد الماجد
بُعيد هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001، فتّتت أميركا أفغانستان، وقوّضت دولة العراق، واحتلت الصومال، وطاردت فلول «القاعدة» في كل أنحاء كرتنا الأرضية وهاجمتهم وهاجموها، وفتحت سجون غوانتانامو سيئة الصيت، وشُيِّدت السجونُ السرية «التعذيبية» في دول «الحريات» الغربية، وأرسلت طائراتها بالطيار ومن دون طيار، تتعقب بها رموز «القاعدة» وتقتلهم، لكن «القاعدة» عادت لتكرر هجماتها الإرهابية في لندن في 7 – 7، لتعقب كل هذه الأحداث الجسام «استراحة» مستقطعة للإرهاب انزوت فيها «القاعدة» بعد حراك الثورات العربية، ثم جاء زخم للتشدد والإرهاب لم يكن في الحسبان: «داعش»، وما أدراك ما «داعش»، ومن دار في فلكه، ولوّث جرثومته مخه في عدد من الدول العربية والإسلامية.
صحيح أن دولة «داعش» تهاوت، ولم يتبق لها إلا جيوب محدودة معدودة، ولكن الصحيح أيضاً أن كل الحروب التي استهدفت حركات الإرهاب في آسيا وأفريقيا كانت تدمّر الأغصان والأوراق، وربما الجذوع، ولكنها لم تمس جذور الإرهاب بسوء، بدليل أنها كلما هُزمتْ في بلد انتعشت في آخر، وفشل الولايات المتحدة في القضاء على «طالبان»، بل وعودتها إلى حكم أفغانستان، دليل فاقع على فشلها ضد الإرهاب، لأنها لم تعالج الجذور.
نعم الإرهابيون هدموا أبراج نيويورك، والصحيح أيضاً أن أبراجاً بعدها شُيدت من عدم الثقة بين العالمين الغربي والإسلامي، فأميركا التي أدمتها «القاعدة» أمست ترشق باتهاماتها المذنب والبريء، فعمل بعض المنتمين إلى «الدولة العميقة» في الولايات المتحدة الأميركية على اتهام دول عربية حليفة حاربت وتحارب الإرهاب في الداخل والخارج، وحققت إنجازات أمنية لافتة في معاركها الشرسة مع الإرهاب عقوداً من الزمن، حتى خمدت فيها نيران الإرهاب.
واللافت هنا، أن «طالبان» التي آوت ونصرت وعزرت وحَمَت زعيم تنظيم «القاعدة» الإرهابي تحظى بالاعتراف الأميركي غير المصرح به، وتنسق مع «طالبان»، هذه محصلة تناقضات وتخبطات السياسة الأميركية التي برزت على السطح في ذكرى هجمات الحادي عشر من سبتمبر.