توقيت القاهرة المحلي 10:39:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

انطباعات عن ظاهرة الإلحاد

  مصر اليوم -

انطباعات عن ظاهرة الإلحاد

بقلم : حمد الماجد

في بواكير بعثتي للتحضير للدراسات العليا بولاية كاليفورنيا الأميركية في أوائل الثمانينات، ألقيت في القاعة ورقة مقارنة في التخصص، وقد فاجأني أحد زملائي الأميركيين في القاعة بعد فراغي بأن طلب مني حديثاً هامساً قال فيه إنه لاحظ أنني وصفت من في القاعة بأنهم يدينون بالمسيحية. قلت: «وهذا صحيح؛ فأنا على الأقل وصفت أغلبيتكم؟». فعاجلني برده: «وحتى أغلبيتنا هنا ليست مسيحية؛ فأنا أعرفهم وأعرف معتقداتهم. هل تعلم أن أغلبية من في القاعة هم بين ملحد؛ ومَن يؤمن بقوة عظمى تتحكم في الكون ممكن أن تسميها (الله) أو (God)، وكلتا الفئتين لا تؤمن بالأديان ألبتة؟».
تذكرت هذا الحوار القديم المتجدد وأنا أقرأ تحقيقاً إحصائياً أجرته «FIFG» بتكليف من «جمعية صحافيي المعلومات الدينية» الفرنسية ونشرته مؤخراً جريدة «لوموند» الفرنسية، كان من نتائجه غير المسبوقة أن أغلبية الفرنسيين (51 في المائة) قالوا، ولأول مرة، إنهم ملحدون لا يؤمنون بالله.
وهذا يعني أن نسبة أكبر «لا دينيون»؛ يؤمنون بالله لكن لا يؤمنون بالأديان، ونسبة الملحدين الفرنسيين في تصاعد مطرد، كما يشير تحقيق صحيفة «لوموند»؛ فعدد الفرنسيين غير المؤمنين قد ارتفع إلى 51 في المائة، بعد أن كانت نسبة المؤمنين في عام 2011 تبلغ 56 في المائة، وفي عام 1947 كانت 66 في المائة.
ظاهرة الإلحاد أمست عالمية وتقضم من مساحة الإيمان بالله أو الإيمان بالأديان، وبوتيرة متسارعة، فشت في الدول الغربية، ثم تسللت خلسة إلى العالم الثالث؛ والعالم الإسلامي خصوصاً.
ولظاهرة الإلحاد سند وظهر ومؤسسات وميزانيات وإرساليات ومفكرون وبعثات تبشر به وتدعو إليه كحماسة المبشرين بالأديان.
وكما فاجأتني المعلومة التي ذكرها لي زميلي بجامعة «فرزنو كاليفورنيا» في مطلع الثمانينات، كانت المفاجأة أكبر في «العشرية الألفية» حين ألحت عليّ فتاة «خليجية» ملحدة أن أجري معها حواراً عن الإلحاد.
الفتاة تنتمي إلى أسرة محافظة وإقليم محافظ، وقالت بالحرف الصريح إنها لا تؤمن بالله ولا برسله ولا باليوم الآخر، ورددت فيه مقولات الملحدين نفسها القديمة المتجددة. كان الحوار هادئاً؛ فيه كل شيء إلا الرجوع للنصوص الشرعية.
واللافت أنها متحمسة لنشر فكرتها، وتتباهى بالعدد الذي اعتنق الإلحاد على يديها، وتنظر بعين الرحمة والشفقة إلى المؤمنين بالله، وتتمنى لو أنها انتشلتهم، كما تزعم، من ضلال الإيمان إلى نور الإلحاد!!
أفكار الإلحاد وشبهاته تبدو للبعض، وللوهلة الأولى، مربكة، لكنها في الحقيقة بالون أجوف من السهل أن «تنكشه» بإبرة صغيرة. قالت لي: من المؤسف أن يضيع الأكاديميون والمثقفون وذوو العقول الكبيرة أوقاتهم في الإيمان بما لا نراه ولا يسلّم به العقل.
قلت لـ«الفتاة الملحدة»؛ وهكذا تصف نفسها بكل فخر: أخبريني أين سيذهب هؤلاء الناس بعد الموت؟ قالت: يتحللون ويذوبون في التراب. قلت لها: حسناً؛ وهل تستوي خاتمة إنسان لا يقتل ولا يسرق ولا يؤذي بل وله خدمات كبيرة من العطاء والبذل والتضحية، بإنسان آخر يسرق ويقتل ويكذب ويضرب ويؤذي ويغتصب؟ فلم تجب.
هذا واحد من الدبابيس التي وخزت عدداً من بالوناتها. اللافت أنها حين تتحمس في كلامها تقول «الله»، وتشير في بعض الأحيان إلى السماء؛ حتى إنها ابتسمت خجلاً من الإيمان الذي يتغلغل في فطرتها رغماً عنها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انطباعات عن ظاهرة الإلحاد انطباعات عن ظاهرة الإلحاد



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:11 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
  مصر اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 11:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

غضب صلاح من بطء مفاوضات ليفربول واهتمام من باريس سان جيرمان
  مصر اليوم - غضب صلاح من بطء مفاوضات ليفربول واهتمام من باريس سان جيرمان

GMT 11:23 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
  مصر اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 23:04 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

رونالدو يحرز الهدف الأول لليوفي في الدقيقة 13 ضد برشلونة

GMT 06:59 2020 الأربعاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تونس تتأهل إلى نهائيات "أمم أفريقيا" رغم التعادل مع تنزانيا

GMT 05:53 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

موضة ألوان ديكورات المنازل لخريف وشتاء 2021

GMT 09:41 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

حسام حسن يعلن قائمة الاتحاد السكندري لمواجهة أسوان

GMT 03:51 2020 الأحد ,18 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الدفاع يشهد المرحلة الرئيسية للمناورة ”ردع - 2020”

GMT 04:56 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

فنادق تعكس جمال سيدني الأسترالية اكتشفها بنفسك

GMT 23:44 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على تباين

GMT 11:46 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

جوارديولا يهنئ ليفربول بـ كأس الدوري الإنجليزي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon