توقيت القاهرة المحلي 23:03:27 آخر تحديث
  مصر اليوم -

صفقة القرن وصناعة التشدد

  مصر اليوم -

صفقة القرن وصناعة التشدد

بقلم: حمد الماجد

صفقة القرن أو صفعته أو فضيحته أو خزيه أو ذله أو هوانه... كانت محصلة طبيعية ومنطقية لعالمين عربي وإسلامي تنخرهما الحروب والصراعات والنزاعات والمجاعات والانقسامات والديكتاتوريات والاضطرابات والاحتلالات والتدخلات الأجنبية، أشداء على أنفسهم رحماء مع خصومهم، تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى، جل مؤسساتهم الدولية هزيلة لا تهش ولا تنش، وأغلب ترساناتهم المسلحة موجهة لظهور بعضهم، فالمحصلة أمست لخصومهم أنه «خلا لك الجو فبيضي واصفري ونَقِّري ما شئتِ أن تنقري».
كان قرار نقل السفارة الأميركية في إسرائيل إلى القدس بالون اختبار أثبت الرئيس الأميركي دونالد ترمب من خلاله أن الجو خلا لكل أحد أن يبيض في عالمينا العربي والإسلامي ويُصفر وينقر ما شاء أن ينقر، ولهذا كان حدس الرئيس ترمب صادقاً حين علّق بكل فخر على قراره «الشجاع» بالاعتراف بالقدس عاصمة أبدية لإسرائيل ونقل السفارة إليها، بأنه لن تكون هناك اعتراضات أو احتجاجات تذكر، وهذا بالفعل ما حصل، فكان أن التقطت إسرائيل الرسالة فقررت ضم غور الأردن وعدد كبير من مناطق المستوطنات المحتلة إليها ورفع وتيرة بناء المستوطنات والتلويح بضم الجولان، والهند من جهتها التقطت «الرسالة» فضمت كشمير المتنازع عليها مع باكستان، وإثيوبيا أيضاً رفعت وتيرة التحدي بكل جسارة بأصبع التهديد في يد وبالسلاح في اليد الأخرى ومضت قدماً في إنشاء سد النهضة، ما جعل مصر تدخل في مرحلة «الفقر المائي»، كما أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي، والقائمة مرشحة للمزيد.
حالة الزهو والطاووسية التي صاحبت الإعلان عن صفقة القرن كانت مستفزة جداً، فهذه المبادرة المذلة لسلام مزعوم لم تنسف حقوق الشعب الفلسطيني وتقضم حقوقه الصريحة التي ضمنتها له المرجعيات الدولية المعتبرة فحسب، بل لم تكترث أيضاً بأثر هذه العجرفة والصلف في فرض واقع كله ظلم وتعسف، فقد حذر عدد من المحللين الغربيين من أن صفقة القرن ستغذي نعرة التشدد، والتشدد يوفر بيئة مناسبة للعنف والإرهاب، وهذا هو ما لم يلتفت له صانعو صفقة القرن وربما قد تجاهلوه عمداً، فهم يعلنون حرباً على الإرهاب والإرهابيين لا هوادة فيها، وفي الوقت ذاته يصنعون البيئة الحاضنة للإرهاب، يغذيها اليمين الغربي والإسرائيلي المتطرف الذي يجعل من النصوص الدينية منطلقاً في تعزيز الهيمنة المطلقة لإسرائيل في منطقة الشرق الأوسط لتتوافق مع عدد من النبوءات والأحداث والصراعات التي تنبأت بها الأدبيات الدينية، هذا المناخ الديني المتطرف سيخلق هو الآخر ردة فعل مماثلة تساويه في الشدة وتعاكسه في الاتجاه.
قاتل الله الانتخابات الرئاسية الدولية؛ جعلت منطقة الشرق الأوسط ساحة تُنتهكُ فيها الحقوق وتُسفك فيها أحلام الشعوب ويُنصر فيها الظالم وتداس فيها كرامة المظلوم لترفع بيوتاً لا عماد لها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صفقة القرن وصناعة التشدد صفقة القرن وصناعة التشدد



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
  مصر اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon