توقيت القاهرة المحلي 20:18:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

وراء أكمة البوركيني ما وراءها

  مصر اليوم -

وراء أكمة البوركيني ما وراءها

بقلم - حمد الماجد

دعونا نبدأ الحديث عن هذا الموضوع الشائك المقلق بحادثة ظريفة، فقد حاولت مدينة غرونوبل الفرنسية الإمساك بعصا الحريات الفرنسية من الوسط، فسمحت للمسلمات الفرنسيات بارتداء البوركيني (بدلة سباحة تغطي كامل الجسم ما عدا الوجه واليدين والقدمين)، وسمحت أيضاً لغيرهن بالسباحة عاريات الصدر، لكن مسؤولاً حكومياً فرنسياً بارزاً عن منطقة غرونوبل أزاح اليد التي تمسك بالعصا من الوسط وأمسكها من طرفها «العريان»، فمنع المسلمات من لبس البوركيني وسمح لغيرهن بكشف الثديين.
قلق مسلمي فرنسا ومن يساندهم من معتدلي الغربيين ودعاة حقوق الإنسان، هو ليس بسبب قرار أعلى محكمة إدارية فرنسية الأسبوع المنصرم بحظر هذا النوع من لباس السباحة، فالبوركيني في النهاية لباس بسيط لنوع من الترف العابر أو المتعة المؤقتة لا يستوجب قلقاً شديداً، المقلق جداً أن حظر البوركيني سيكون خرزة في عقد منفلت ستكر بعدها العشرات من المحظورات والتضييقات والتقييدات والإسلاموفوبيات، وليس أسهل من الاستعانة بفريق من المحامين والقانونيين من اليمين المتشدد، ففي جعبتهم عشرات الذرائع والحجج، كما تترس بها اليمين الهندوسي المتشدد الحاكم في الهند لتبرير ممارساته العنصرية ضد مسلمي الهند، وكانت النازية بررتها في ألمانيا ضد اليهود، ومتشددي الصرب ضد مسلمي البوسنة.
لقد أمست الحريات الفردية تنتكس في فرنسا وغيرها في القرن الواحد والعشرين، فالتشريعات الفرنسية الرسمية، وليست الأحزاب اليمينية المتشددة، فرضت مؤخراً حرمان شريحة من مواطنيها من تطبيق مظاهر دينية عادية لا تتماس مع أي ملة أو نحلة ولا تخدش حريات ولا تؤثر على حقوق، مثل التشريع الذي أقره مؤخراً مجلس الشيوخ الفرنسي بحظر الحجاب على الفتيات «الفرنسيات» دون سن 18 عاماً، وكذلك حظر ارتداء الآباء المسلمين الفرنسيين لرموز دينية ظاهرة أثناء مرافقتهم للأطفال في الرحلات المدرسية، وآخرها الأسبوع الماضي بمنع لبس «البوركيني»، والقادم قد يكون أسوأ.
قطعاً سيرتبك المسؤولون والمشرعون الفرنسيون «الإقصائيون» لو سألتهم: لو أن فتاة فرنسية دون سن الثامنة عشرة ارتدت لبس راهبة مسيحية، وهو لبس يشبه الحجاب الإسلامي، فهل ستتعرض للمساءلة القانونية؟ أو لو أن متديناً يهودياً اعتمر «الكيباه»، (وهو غطاء الرأس المستدير الذي يعتمره اليهود الأرثوذكس الذي لا يجيز ذكر الرب على فم من كان رأسه مكشوفاً)، وأراد مرافقة ولده في رحلة مدرسية، فهل سيقال له: القانون الفرنسي يحظر ارتداء الآباء لرموز دينية ظاهرة أثناء مرافقتهم للأطفال في الرحلات المدرسية؟ أو لو كان هذا الأب من السيخ الفرنسيين، فهل ستخيره المدرسة بين خلع عمامته أو خلع حقه في مرافقة ولده؟ طبعاً الجواب في الحالات السابقة كافة هو (لا).
كان بعضنا يحسن الظن في التوجه اليميني المتطرف الذي شن حملة على النقاب حتى حظره عدد من الدول الأوروبية، بحجة أن النقاب يشكل عائقاً قانونياً وأمنياً، فما الذي يمكن لمحسني الظن أن يقولوه بعد التضييق على لبس الحجاب العادي الذي تلبسه الراهبات، وما موقفهم بعد محاصرة عمامة المسلمين التي يلبسها السيخ ويعتمرها اليهود الأرثوذكس، وأخيراً البوركيني؟
كرة الثلج اليمينية العنصرية في الغرب تتدحرج وتكبر، وستكتسح كل الديانات والمذاهب الأخرى، ما لم يضع عقلاء الغرب عصا في دولابها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وراء أكمة البوركيني ما وراءها وراء أكمة البوركيني ما وراءها



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:36 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الأمير الحسين يشارك لحظات عفوية مع ابنته الأميرة إيمان

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 13:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 12:19 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مصر تحصد 31 ميدالية متنوعة مع ختام بطولتي الرماية

GMT 13:55 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الهلال يستضيف الزمالك في ليلة السوبر السعودي المصري

GMT 06:08 2024 الإثنين ,09 أيلول / سبتمبر

عطور نسائية تحتوي على العود

GMT 08:19 2022 الأحد ,25 كانون الأول / ديسمبر

أزمة الطاقة وسيناريوهات المستقبل

GMT 19:18 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الطرق الصحيحة لتنظيف الأثاث الجلد

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon