توقيت القاهرة المحلي 12:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

غزو المفردات الإنجليزية... نمانعه أم نسايره؟

  مصر اليوم -

غزو المفردات الإنجليزية نمانعه أم نسايره

بقلم - حمد الماجد

نَزَلْتُ ذات مرة ومعي عائلتي في مطار باريس، عابراً إلى مطار نيويورك (كدتُ أكتبُ «ترانزيت» بدل «عابراً»، فتذكرتُ أنني أكتب مقالاً مرافعةً ودفاعاً عن لغة الضاد)، المهم أنني تهتُ في أزقة المطار، فلمحتُ مكتباً صغيراً فيه موظف، فسألته باللغة الإنجليزية عن البوابة التي أبحث عنها، فرطن بالفرنسية بكل تدفق وطلاقة، كأنه يخاطب «ماكرون»!! قلت له بالإنجليزية: أنا لا أتحدث الفرنسية على الإطلاق، فرد بالفرنسية شارحاً، فألححت بالسؤال وتوسلته أن يحدثني بالإنجليزية حتى لا تفوتني الطائرة، فما غيَّرَ ولا بدَّل، فتركته مغضباً، فناداني وأرشدني بالإنجليزية عن مكانها، ومن المؤكد أن بعضكم واجه الموقف ذاته، وهو ما أخبرني به بعض الأصدقاء.

بطبيعة الحال، واضح من إصرار هذا الموظف الفرنسي اعتزازه بلغته وغيرته عليها من اكتساح الإنجليزية للعالم، واستفرادها بلقبها اللامع «لغة كوكب الأرض»، قارنوا هذا بما يحصل في عالمنا العربي المنهزم أمام وهج لغة المنتصر حضارياً وتنموياً وتقنياً، تخيلوا أن بعض الندوات والمؤتمرات العربية في عدد من الدول العربية وورش العمل سوادها الأعظم عرب أقحاح ومعهم قلة من الأجانب، ومع ذلك «يرطنون» فيما بينهم بالإنجليزية، بل إننا معشر بني يعرب نفوت فرصة الآلاف من الغربيين الذين يعملون في الدول العربية لكسبهم متحدثين بلغتنا المفخرة، قابلت العشرات من الغربيين ممن عاشوا عقوداً في عدد من الدول العربية، وإذا سألتهم: هل تتحدث العربية؟ ردوا بالكلمة الشهيرة «شوي شوي»، وكلهم يكاد يُجمع على أن السبب العرب المستضيفون، الذين «كلما خاطبناهم بلغتهم العربية ردوا علينا بلغتنا الإنجليزية»، يا للبون الشاسع والفرق الصارخ بين موقف هؤلاء، وموظف مطار باريس المعتز بهويته ولغته.

والتحدي الآخر الذي تواجهه لغة الضاد هو الغزو المكثف لمفردات الإنجليزية، ومن كل جبهات اللغة العربية، وهو على نوعين؛ الأول غزو اكتساح تصعب مقاومته كمفردات «التواصل الاجتماعي»، مثل «هاشتاغ ويهشتغ» (وسم)، و«شير ويشير» (مشاركة) ، و«منشن ويمنشن» (يعلق)، و«بلوك ويبلك» (يحظر)، فهذه مع وجود البديل العربي، إلا أنها خرجت عن السيطرة، وأصبح غزو المفردات الكاسح فوق طاقة جيش الدفاع اللغوي بقيادة هيئة أركان مجمعات اللغة العربية، وجيش المتطوعين المتحمسين من أكاديميين ومثقفين وعروبيين، محافظين وليبراليين، للذود عن حياض اللغة العربية وسيادتها.

النوع الثاني من الغزو المكثف لمفردات الإنجليزية، هو في تسمية عدد من الشركات والمؤسسات السياحية بمفردات إنجليزية، وهذه من وجهة نظر شريحة أخرى خصوصاً من الشباب، نوع من الرقي والذوق العالي يضفي لمسة حضارية لافتة، ويحتجون بأن التمازج اللغوي العربي - الإنجليزي سيل جارف لا يسده عباءة التقليديين الرهيفة، خصوصاً مع قوة دافعة أخرى؛ وهي العولمة، وأما من وجهة نظر حماة حصن اللغة العربية، فإن هذا التراخي يحدث ثقوباً في حصن العربية يتعاظم خطره مع كثرة الثقوب، وتخاذل جنود الحصن وقلة التحصين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غزو المفردات الإنجليزية نمانعه أم نسايره غزو المفردات الإنجليزية نمانعه أم نسايره



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon