توقيت القاهرة المحلي 11:36:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سر التنمر الإيراني

  مصر اليوم -

سر التنمر الإيراني

بقلم ـ حمد الماجد

ردود الفعل الرخوة لبعض الدول الغربية والعربية تجاه الأعمال الحربية الإيرانية الأخيرة البالغة الخطورة التي استهدفت جانباً من البنية التحية البترولية السعودية، ونزعة انحياز الإعلام الغربي وبعض البرلمانيين الغربيين تجاه تصديق الرواية الإيرانية على الرغم من تدخلاتها المكشوفة في عدد من الدول العربية وصلت إلى حد درجة احتلال 4 عواصم عربية، وجرأة الإيرانيين على التحول من منازلة السعودية بالوكالة إلى منازلتها مباشرة... كل ذلك، بالإضافة إلى عوامل أخرى، يُحتم ضرورة إعادة «ترتيب الأوراق» ومراجعة المواقف، فحادث الهجوم المباغت والمباشر على مصافي البترول السعودية يماثل في حجمه هجمات سبتمبر (أيلول) الإرهابية الأميركية التي غيرت الاستراتيجية الأميركية وغيرت بعدها عالمنا اليوم وما زلنا نعيش ارتدادات ذاك الزلزال الرهيب.
ومن سبر غور الخطط الإيرانية منذ اندلاع الثورة الخمينية الطائفية في 1979 وإطلاق التهديد بنشر ثقافتها الثورية الإرهابية تحت شعار «حماية المستضعفين» والحقائق على الأرض تثبت أن الارتباط بين المعركة الآيديولوجية والعسكرية وثيق، فالأولى سبب والثانية نتيجة، الأولى هي الذخيرة والثانية هي البندقية، الأولى الروح والثانية الجسد، ولهذا فالعلمانية الغربية التي فرغت للتو من معركتها مع الكنيسة وتخلصت من سيطرتها، لم تستغن عن الكنيسة وإرسالياتها التبشيرية لتكون حصان طروادة مهدت بها الأرض وسهلتها للاستعمار الغربي الذي جثم على دول العالم الثالث قروناً ثقيلة.
حديد الآيديولوجيا الإيرانية حين اندلعت الثورة الخمينية الإيرانية، قابلته كتلة من القطن العربي الآيديولوجي الرخو، فكانت المعركة الآيديولوجية غير متكافئة، في الصراع الذي احتدم مع إيران بعيد اندلاع الثورة الإيرانية كان صدام حسين ببعثيته المتهالكة خصماً آيديولوجياً غير كفؤ في معركته مع إيران، فعلى الجبهة الإيرانية كانت روحاً دينية متوقدة، وفي الجبهة العراقية كانت مؤتمرات البعث العراقي مكتنزة بالمسخرة بمفهوم الدين واستهزاء بشعائره وصلت إلى حد القول «آمنت بالبعث رباً لا شريك له***وبالعروبة ديناً ماله ثاني»، لدرجة أن عضواً في القيادة القطرية العراقية تلاسن مع زميله أمام «الرفيق» صدام حسين متهماً إياه بأنه يصلي (مقطع الفيديو موجود بالـ«يوتيوب»)!!! ومع أن جيش صدام قد ساندته أميركا عسكرياً واستخباراتياً، وفتحت له عدد من الدول العربية خزائنها المالية وبلا سقف، فإن إيران تماسكت وتعافت، ثم انطلقت تواصل تنفيذ مخططاتها التوسعية واستراتيجياتها في العالم السني.
ففي لبنان، مثلاً، تمدد الأخطبوط الآيديولوجي الإيراني ونهض بالجنوب الشيعي، وراحت إيران تحت سمع وبصر العالم السني تبني تحالفاتها لبنة لبنة كياناً آيديولوجياً قوياً ومتماسكاً من الناحية الاقتصادية والعسكرية، فأسست مع «حزب الله» لا أقول ميليشيات عسكرية قوية، بل أعدت جيشاً احترافياً مدرباً، أصبح بعدده الذي يتجاوز السبعين ألفاً، وبكل المقاييس، أقوى من الجيش اللبناني، بل يفوق عدداً من جيوش الدول في المنطقة، وكان يدها اليمنى في معركتها الطائفية في سوريا وسبباً قوياً لانتصار جنرالها المؤدلج قاسم سليماني، وفي المقابل لم يكن للسنة في لبنان (بسبب هشاشة الباعث الآيديولوجي) من يهتم بميزان القوى في هذا البلد الذي اخترقته كل الدول والتوجهات، ورأينا شاهداً صارخاً لهذا الإهمال حين اجتاحت، قبل سنوات، ميليشيات «حزب الله» بسهولة بيروت الغربية ذات الكثافة السكانية السنية العالية، سهولة ذكرتنا باجتياح القوات النازية للنمسا بقيادة هتلر، فلا مقاومة تذكر ولا حتى ميليشيات تحميهم وهم الأكثر عدداً «لا عدة».
لنتكلم بكل شفافية وصراحة، إيران قادت وتقود العالم الشيعي بكل مهنية واحترافية، ورسمت لآيديولوجيتها استراتيجية ذات مسارين؛ أحدهما تسويقي والثاني عسكري، والمؤسف أن العالم العربي السني في المقابل كان ولا يزال يعيش صراعاً متشنجاً بين تياريه المحافظ والليبرالي، جعل بعض العرب يتحسس من كل شيء له علاقة بالدين؛ مما أصاب الجبهة الآيديولوجية مع إيران بالهزال، والهزيمة على الجبهة الآيديولوجية تمهد حتماً للهزائم على الجبهة العسكرية والواقع العربي المر خير شاهد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سر التنمر الإيراني سر التنمر الإيراني



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon