بقلم - حمد الماجد
الملك تشارلز الثالث، كما تقول مصادر التعريف به، متعدد المواهب، فهو مثقف وكاتب ورائد أعمال ورسام وسياسي وفاعل خير وعسكري يتقن قيادة المروحية، وفارس له مع ركوب الخيل علاقة وطيدة، وشخصية حوارية تهتم بالأديان والتواصل مع أتباعها، وعالم بيئة ولاعب بولو.
والملك تشارلز وإن كان ملكاً دستورياً، لكنه شخصية رمزية مهمة، الكلمة منه تجوب الآفاق، ورأيه يشرق ويغرب، وأفكاره تنفلت أحياناً من قيود وبروتوكولات الملكية البريطانية الصارمة، وهو وإن كان رأساً للكنيسة الأنجليكانية كما البابا رأس للكنيسة الكاثوليكية في الفاتيكان، فالملك أيضاً رأس للتسامح والاعتدال وعدم التعصب الديني، وينظر إلى المخالف من الملل والنحل الأخرى نظرة عدل غير مسكونة بالعنصرية والتعصب وإقصاء الآخر، ولم يأبه الملك لسطوة وتنمر اليمين العنصري المتطرف فساند وناصر أعراقاً أخرى بألوان الطيف.
وكان للجاليات المسلمة في أوروبا من إنصافه وإنسانيته وتسامحه نصيب، فقد دافع عنها ضد اليمين المتطرف واليسار المتنمر، بل واجه عاصفة اليمين المتطرف بقوله: «إن العالم الإسلامي استطاع الحفاظ على التكامل الروحي، في الوقت الذي فَشَل فيه العالم الغربي في تحقيق ذلك»، وطالب حين كان ولياً للعهد بتعيين مزيد من المعلمين المسلمين في المدارس البريطانية؛ حتى تتاح الفرص أمام أبناء البريطانيين للتعلم والاستفادة من القيم الإسلامية، كما نشرته صحيفتا «تايمز» و«ديلي تلغراف».
ووعد الملك المتوج تشارلز الثالث، في وقت سابق، بأن يضيف إلى لقب ملك بريطانيا «حامي الدين» و«حامي الأديان»، وهذا ما عنونته صحيفة الغارديان البريطانية في عدد 9 سبتمبر (أيلول) 2022 (King Charles to be Defender of the Faith but also a defender of faiths).
والملك تشارلز أيضاً انتقد «الإسلام فوبيا» التي توغَّلت وتغوَّلت في الدول الغربية وتبناها عدد من الشخصيات السياسية والفكرية والإعلامية الغربية، بلغت الجرأة ببعضهم إلى القول بأن الأزمة ليست من بعض المسلمين المتشددين، ولكن في بعض أدبيات الإسلام ذاته وتشريعاته، وحموا من استفز المسلمين بحرق القرآن الكريم بالحجة الضعيفة: مبدأ الحريات، وهو الذي انتقد احتلال العراق وتدمير بنيته العسكرية، تحت ذريعة اقتناء أسلحة الدمار الشامل، وهو ما لم يثبت بعد التفتيش الدولي الذي تلا الاحتلال الأميركي للعراق. وهو الذي ناصر حلاً عادلاً للقضية الفلسطينية، ويرى أن حلاً عادلاً لها سيؤدي إلى تغيير حقيقي في الوضع في الشرق الأوسط.
المرجو من تنصيب الملك «الدستوري» تشارلز الثالث أن يكون دفعة لتوسيع رقعة التسامح، التي قضم منها اليمين المتشدد وجماعات الفوبيا ضد الأديان والأعراق الأخرى.