توقيت القاهرة المحلي 11:19:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الخيار الأمثل لحكم السودان

  مصر اليوم -

الخيار الأمثل لحكم السودان

بقلم: حمد الماجد

تجري على ثرى السودان معركة شد وجذب بين المجلس العسكري والقوى المدنية، وصار كل فريق يخرِج ما لديه في جعبته من سلاح مؤثر، ثار نقع المعركة بين الفريقين وحمى وطيسها حتى وصلت إلى فضٍ للاعتصام المدني، تلاه إخراج القوى المدنية لسلاح «ناعم» لا تنفع معه اليد العسكرية، إنه العصيان المدني، فأمست المحال مغلقة وأغلقت معها الأبواب لوأد أي محاولة لإرضاخ العصيان المدني، فالعصيان المدني مجرد إرادة شخصية في إغلاق محل وليس اعتصاماً جماهيرياً حاشداً أمام مقر المجلس العسكري. وأمام منظر الدبابات كان هناك فعل آخر لا يقل عنه تأثيراً، وسائل التواصل العالمي التي تستخدم الهاشتاقات والسنابات و«يوتيوب» ورسائل «فيسبوك»، وقد حاول المجلس العسكري إخراج غرمائه المدنيين من الباب فرجعوا عليه من النوافذ متسلقين على سلالم التواصل الاجتماعي المارد الذي خرج عن سيطرة الأقوياء.
حكم العسكر في مراحل الاضطراب والفترات الانتقالية مثل مضخة قلب صناعي يضطر إليها الطبيب كإجراء «مؤقت» حتى يجهّز القلب الطبيعي «المدنيين» لإكمال مهمته الطبيعية، لكن الحال في بعض دول العالم الثالث قد ينبئ بأن مضخة القلب الصناعي المؤقتة هي التي تستمر، والقلب الطبيعي الدائم هو الذي يتحول إلى مؤقت.
باستثناء الدول العربية المستقرة ذات نظام الحكم الملكي، فإن بقية دول العالم العربي تختلف عن بقية دول العالم، بأنها أمام خيارين أحلاهما مر، إما حكم عسكري قوي يمنح استقراراً وربما اقتصاداً نشطاً، لكنه يحقق هذه الغاية بالقوة والتقليل من الحريات، وإما حكم مدني ضعيف متهالك يمنح حريات وديمقراطية ومشاركة في القرار، لكنه يفشل في فرض حكم قوي يمنح أمناً واستقراراً واقتصاداً وتنمية، ومن لا يمنح أمناً واستقراراً لا يعطي اقتصاداً مزدهراً، وهذا ما لا نجده في الأمم الأخرى التي تحولت من حكم الاستبداد الشمولي المطلق إلى الحكم الشوري الديمقراطي، مثل دول أوروبا الشرقية وبعض الدول الأفريقية والأميركية الجنوبية.
والسودان ليس استثناءً من هذه الأعراض السياسية، فإنْ حَكَمَه العسكرُ فربما عانى الشعب من الاستبداد الديكتاتورية وانخفاض سقف الحريات، وإن حكمته الأحزاب ارتفع سقف الديمقراطية والحريات وانخفض سقف التنمية والنهضة. كل أحزاب الدنيا السياسية بينها صراعات، لكن حصة الحكم تظل كبيرة والمناكفات قليلة، أما في بعض دولنا فالعكس صحيح، وهذا ما زاد شهية العسكر في الحكم.
لقد جرب السودانيون في الماضي حكم العسكر العلمانيين فبطشوا بالشعب وفسدوا وأفسدوا، وجرب الشعب السوداني العسكر الإسلاميين فنكلوا بالشعب ففسدوا وأفسدوا... الشعارات مختلفة والمخرجات واحدة، فهل تكون مخرجات ما يدور الآن بين المجلس الانتقالي والمؤسسات المدنية مختلفة لترسو بالسودان ذي المقدرات الاقتصادية الكبيرة إلى بر الحريات والأمان السياسي والتنموي، أم - لا سمح الله - ينزلق السودان إلى مستنقع الفوضى، أم يتحول في أحسن أحواله إلى دولة فاشلة كما هي حال بعض دول الثورات العربية؟ يا رب لطفك بالسودان.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخيار الأمثل لحكم السودان الخيار الأمثل لحكم السودان



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:11 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
  مصر اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 11:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

غضب صلاح من بطء مفاوضات ليفربول واهتمام من باريس سان جيرمان
  مصر اليوم - غضب صلاح من بطء مفاوضات ليفربول واهتمام من باريس سان جيرمان

GMT 11:23 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
  مصر اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 23:04 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

رونالدو يحرز الهدف الأول لليوفي في الدقيقة 13 ضد برشلونة

GMT 06:59 2020 الأربعاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تونس تتأهل إلى نهائيات "أمم أفريقيا" رغم التعادل مع تنزانيا

GMT 05:53 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

موضة ألوان ديكورات المنازل لخريف وشتاء 2021

GMT 09:41 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

حسام حسن يعلن قائمة الاتحاد السكندري لمواجهة أسوان

GMT 03:51 2020 الأحد ,18 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الدفاع يشهد المرحلة الرئيسية للمناورة ”ردع - 2020”

GMT 04:56 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

فنادق تعكس جمال سيدني الأسترالية اكتشفها بنفسك

GMT 23:44 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على تباين

GMT 11:46 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

جوارديولا يهنئ ليفربول بـ كأس الدوري الإنجليزي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon