توقيت القاهرة المحلي 10:42:59 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مع أحمد بهاء الدين (2- 2)

  مصر اليوم -

مع أحمد بهاء الدين 2 2

بقلم:مصطفى الفقي

تحتفى الأوساط الصحفية العربية دائمًا باسم أحمد بهاء الدين فإذا كان الأستاذ محمد حسنين هيكل قد انتشر دوليًا من خلال علاقاته القوية بدور النشر العالمية فإن الأستاذ أحمد بهاء الدين قد تميز بالاقتراب المباشر من التيارات الفكرية والسياسية في الوطن العربى، وكان هو الكاتب المصرى الوحيد الذي سعى البعثيون، في مراحل معينة، إلى استقطابه، حتى إننى أتذكر أنه لم يسمح له بدخول المملكة المغربية لحضور أحد المؤتمرات بدعوى أنه قيادة بعثية، وواقع الأمر أن بهاء الدين لم يكن حزبيًا، لكنه كان مفكرًا قوميًا من طراز رفيع لذلك تمتع بدائرةٍ واسعة من العلاقات الوثيقة مع المفكرين والكتاب والصحفيين والنقاد على امتداد مساحة العالم العربى كله، بل إن دوره في مجلة العربى الكويتية يجسد بوضوح وزنه الثقافى والصحفى لدى الدوائر العربية المختلفة، فقد كانت العربى مجلة رائدة في ميادين الثقافة والسياسة والصحافة على السواء، ولقد كانت علاقة بهاء الدين بسلطة الحكم في عصر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر علاقة طيبة،

فقد كان بهاء الدين ناصرى الهوى، وربما استمر كذلك، لكنه لم يكن من دراويش الناصرية الذين يصفقون لكل كلمة ويهللون لكل قرار، بل كان- على عهده دائمًا- عقلانيًا يزن الأمور بمنطق واقعى ورؤية مستقبلية بعيدة، ولقد حافظ الكاتب الكبير على شعرة معاوية بينه وبين الرئيس السادات وقرينته الفاضلة السيدة جيهان، التي كانت تحمل تقديرًا لذلك الكاتب المصرى الكبير المنتشر عربيًا ودوليًا أيضًا، ولم يكن بهاء الدين راضيًا عن بعض قرارات السادات ومواقفه، لكنه انتشى بنصر أكتوبر المجيد 1973 وإن كان عاتبًا على الإيقاع السريع الذي مضت فيه مصر السادات، والذى حرم مصر من استثمار نتائج النصر بسبب اللهفة على الخروج بأسرع إنجاز وقطف ثمار العبور العظيم لأن شبح النكسة وسنواتها كان لايزال مخيمًا على العقل المصرى، بعد أن جثمت على صدر الوطن لعدة سنواتِ مظلمة رغم بسالة الجيش المصرى في حرب الاستنزاف وصمود عبدالناصر كالأسد الجريح!، وأظن أن السادات كان يقيم وزنًا خاصًا لبهاء الدين، لكنه لم يكن متأكدًا تمامًا من ولائه لسياساته، وعندما اختاره لرئاسة تحرير الأهرام بعد رحيل هيكل عنها، فإن ذلك كان لأسبابٍ تتصل بتلك المرحلة، ولم يكن تكريمًا مطلقًا للأستاذ بهاء الدين، ولقد لاحظت، من خلال لقاءاتى بالكاتب الكبير في بعض زياراته للعاصمة البريطانية، أن الأستاذ بهاء الدين لم يكن متحمسًا للاستمرار في رئاسة تحرير الأهرام، وطوال الحديث كان يكرر عبارة أنها مهمة أرجو ألا تطول، فلم يكن الرجل، بتكوينه الفكرى وثقافته السياسية، متطلعًا لمناصب أو راغبًا فيها، وربما ورث عنه ابنه اللامع، الدكتور زياد بهاء الدين، هذه الصفة، وهو الذي كان قاب قوسين أو أدنى من تلقى التكليف بتشكيل الحكومة المصرية في فترة ما بعد ثورة 25 يناير،

وقد اختار الأستاذ بهاء الدين العاصمة البريطانية لكى تكون مزارًا سنويًا حيث امتلك شقة في لندن، وقال لى ذات مرة إنه عندما أخذ زياد وشقيقته ليلى في زيارة لباريس أبدى الاثنان سعادتهما بالعاصمة الفرنسية وجمالها، وقالا لماذا لم نرها من قبل، حتى لا نظل عشاقًا للندن وحدها؟! وبالمناسبة فإن السفيرة ليلى بهاء الدين كانت في فتراتٍ طويلة قريبة منى وموضع احترامٍ شديد لها بحكم ثقافتها وذكائها، وهى الآن الأمين العام لمؤسسة بطرس غالى للتنمية والثقافة والسلام والأمن الدوليين، وهى قرينة المؤرخ المتميز الدكتور عماد بدرالدين أبوغازى، وهو وزير ثقافة سابق وابن وزير الثقافة الراحل، كما كان اختيار الدكتور زياد لقرينته قائمًا أيضًا على دعامة العلم والثقافة، فالدكتورة هانية شلقامى هي أستاذة متميزة في تخصصها المتصل بالتنمية البشرية والاجتماع السياسى، أما الأم الفاضلة فهى سيدة راقية تحمل الإرث الإنسانى لزوجها الراحل الذي يعتبر بحق علامة مضيئة في تاريخ الصحافة العربية والفكر السياسى المعاصر، ولقد ذكرنى صديقى، الكاتب الصحفى محمد عبدالقدوس، بما رواه الأستاذ بهاء الدين نفسه أنه كان يذهب عام 1953 إلى مبنى روزا اليوسف القديم ويترك لدى البواب مقالا أو تحليلا ثم يمضى في طريقه، وفوجئ ذات مرة بأن مقاله أصبح مانشيت لروز اليوسف، ذلك أن الكاتب الكبير إحسان عبدالقدوس رأى في ذلك الكاتب المجهول موهبة واعدة، وأراد أن يلقى عليها الضوء، وكانت تلك هي البداية التي انطلق منها الكاتب الكبير، رحم الله الأستاذ أحمد بهاء الدين الذي نفتقد كتاباته الراقية وحكمته الدائمة ورؤيته البعيدة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مع أحمد بهاء الدين 2 2 مع أحمد بهاء الدين 2 2



GMT 08:07 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

دمشق وطهران والحرب الجديدة

GMT 08:06 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

«الصراع من أجل سوريا»

GMT 08:05 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

غزة. غزة... بقلم «جي بي تي»!.. بقلم «جي بي تي»!

GMT 08:04 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

... أن تكون مع لا أحد!

GMT 08:02 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

غول الترمبية والإعلام الأميركي... مرة أخرى

GMT 08:01 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الصراع في سوريا وحول سوريا

GMT 08:00 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

سوريا واللحظة الحرجة!

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

ترمب ــ «بريكس»... وعصر القوى المتوسطة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:11 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
  مصر اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 11:23 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
  مصر اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 04:54 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الجيش السوري يعلن وصول تعزيزات كبيرة لمدينة حماة
  مصر اليوم - الجيش السوري يعلن وصول تعزيزات كبيرة لمدينة حماة

GMT 10:32 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

ياسمين رئيس في لفتة إنسانية تجاه طفلة من معجباتها
  مصر اليوم - ياسمين رئيس في لفتة إنسانية تجاه طفلة من معجباتها

GMT 11:08 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
  مصر اليوم - الكشف عن قائمة بي بي سي لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 23:04 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

رونالدو يحرز الهدف الأول لليوفي في الدقيقة 13 ضد برشلونة

GMT 06:59 2020 الأربعاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تونس تتأهل إلى نهائيات "أمم أفريقيا" رغم التعادل مع تنزانيا

GMT 05:53 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

موضة ألوان ديكورات المنازل لخريف وشتاء 2021

GMT 09:41 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

حسام حسن يعلن قائمة الاتحاد السكندري لمواجهة أسوان

GMT 03:51 2020 الأحد ,18 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الدفاع يشهد المرحلة الرئيسية للمناورة ”ردع - 2020”

GMT 04:56 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

فنادق تعكس جمال سيدني الأسترالية اكتشفها بنفسك

GMT 23:44 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على تباين

GMT 11:46 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

جوارديولا يهنئ ليفربول بـ كأس الدوري الإنجليزي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon