توقيت القاهرة المحلي 11:26:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مع أحمد بهاء الدين (2- 2)

  مصر اليوم -

مع أحمد بهاء الدين 2 2

بقلم:مصطفى الفقي

تحتفى الأوساط الصحفية العربية دائمًا باسم أحمد بهاء الدين فإذا كان الأستاذ محمد حسنين هيكل قد انتشر دوليًا من خلال علاقاته القوية بدور النشر العالمية فإن الأستاذ أحمد بهاء الدين قد تميز بالاقتراب المباشر من التيارات الفكرية والسياسية في الوطن العربى، وكان هو الكاتب المصرى الوحيد الذي سعى البعثيون، في مراحل معينة، إلى استقطابه، حتى إننى أتذكر أنه لم يسمح له بدخول المملكة المغربية لحضور أحد المؤتمرات بدعوى أنه قيادة بعثية، وواقع الأمر أن بهاء الدين لم يكن حزبيًا، لكنه كان مفكرًا قوميًا من طراز رفيع لذلك تمتع بدائرةٍ واسعة من العلاقات الوثيقة مع المفكرين والكتاب والصحفيين والنقاد على امتداد مساحة العالم العربى كله، بل إن دوره في مجلة العربى الكويتية يجسد بوضوح وزنه الثقافى والصحفى لدى الدوائر العربية المختلفة، فقد كانت العربى مجلة رائدة في ميادين الثقافة والسياسة والصحافة على السواء، ولقد كانت علاقة بهاء الدين بسلطة الحكم في عصر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر علاقة طيبة،

فقد كان بهاء الدين ناصرى الهوى، وربما استمر كذلك، لكنه لم يكن من دراويش الناصرية الذين يصفقون لكل كلمة ويهللون لكل قرار، بل كان- على عهده دائمًا- عقلانيًا يزن الأمور بمنطق واقعى ورؤية مستقبلية بعيدة، ولقد حافظ الكاتب الكبير على شعرة معاوية بينه وبين الرئيس السادات وقرينته الفاضلة السيدة جيهان، التي كانت تحمل تقديرًا لذلك الكاتب المصرى الكبير المنتشر عربيًا ودوليًا أيضًا، ولم يكن بهاء الدين راضيًا عن بعض قرارات السادات ومواقفه، لكنه انتشى بنصر أكتوبر المجيد 1973 وإن كان عاتبًا على الإيقاع السريع الذي مضت فيه مصر السادات، والذى حرم مصر من استثمار نتائج النصر بسبب اللهفة على الخروج بأسرع إنجاز وقطف ثمار العبور العظيم لأن شبح النكسة وسنواتها كان لايزال مخيمًا على العقل المصرى، بعد أن جثمت على صدر الوطن لعدة سنواتِ مظلمة رغم بسالة الجيش المصرى في حرب الاستنزاف وصمود عبدالناصر كالأسد الجريح!، وأظن أن السادات كان يقيم وزنًا خاصًا لبهاء الدين، لكنه لم يكن متأكدًا تمامًا من ولائه لسياساته، وعندما اختاره لرئاسة تحرير الأهرام بعد رحيل هيكل عنها، فإن ذلك كان لأسبابٍ تتصل بتلك المرحلة، ولم يكن تكريمًا مطلقًا للأستاذ بهاء الدين، ولقد لاحظت، من خلال لقاءاتى بالكاتب الكبير في بعض زياراته للعاصمة البريطانية، أن الأستاذ بهاء الدين لم يكن متحمسًا للاستمرار في رئاسة تحرير الأهرام، وطوال الحديث كان يكرر عبارة أنها مهمة أرجو ألا تطول، فلم يكن الرجل، بتكوينه الفكرى وثقافته السياسية، متطلعًا لمناصب أو راغبًا فيها، وربما ورث عنه ابنه اللامع، الدكتور زياد بهاء الدين، هذه الصفة، وهو الذي كان قاب قوسين أو أدنى من تلقى التكليف بتشكيل الحكومة المصرية في فترة ما بعد ثورة 25 يناير،

وقد اختار الأستاذ بهاء الدين العاصمة البريطانية لكى تكون مزارًا سنويًا حيث امتلك شقة في لندن، وقال لى ذات مرة إنه عندما أخذ زياد وشقيقته ليلى في زيارة لباريس أبدى الاثنان سعادتهما بالعاصمة الفرنسية وجمالها، وقالا لماذا لم نرها من قبل، حتى لا نظل عشاقًا للندن وحدها؟! وبالمناسبة فإن السفيرة ليلى بهاء الدين كانت في فتراتٍ طويلة قريبة منى وموضع احترامٍ شديد لها بحكم ثقافتها وذكائها، وهى الآن الأمين العام لمؤسسة بطرس غالى للتنمية والثقافة والسلام والأمن الدوليين، وهى قرينة المؤرخ المتميز الدكتور عماد بدرالدين أبوغازى، وهو وزير ثقافة سابق وابن وزير الثقافة الراحل، كما كان اختيار الدكتور زياد لقرينته قائمًا أيضًا على دعامة العلم والثقافة، فالدكتورة هانية شلقامى هي أستاذة متميزة في تخصصها المتصل بالتنمية البشرية والاجتماع السياسى، أما الأم الفاضلة فهى سيدة راقية تحمل الإرث الإنسانى لزوجها الراحل الذي يعتبر بحق علامة مضيئة في تاريخ الصحافة العربية والفكر السياسى المعاصر، ولقد ذكرنى صديقى، الكاتب الصحفى محمد عبدالقدوس، بما رواه الأستاذ بهاء الدين نفسه أنه كان يذهب عام 1953 إلى مبنى روزا اليوسف القديم ويترك لدى البواب مقالا أو تحليلا ثم يمضى في طريقه، وفوجئ ذات مرة بأن مقاله أصبح مانشيت لروز اليوسف، ذلك أن الكاتب الكبير إحسان عبدالقدوس رأى في ذلك الكاتب المجهول موهبة واعدة، وأراد أن يلقى عليها الضوء، وكانت تلك هي البداية التي انطلق منها الكاتب الكبير، رحم الله الأستاذ أحمد بهاء الدين الذي نفتقد كتاباته الراقية وحكمته الدائمة ورؤيته البعيدة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مع أحمد بهاء الدين 2 2 مع أحمد بهاء الدين 2 2



GMT 03:46 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بائع الفستق

GMT 03:44 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

على هامش سؤال «النظام» و «المجتمع» في سوريّا

GMT 03:42 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

دمشق... مصافحات ومصارحات

GMT 03:39 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

السعودية وسوريا... التاريخ والواقع

GMT 03:37 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

ورقة «الأقليات» في سوريا... ما لها وما عليها

GMT 03:35 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

امتحانات ترمب الصعبة

GMT 03:33 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

تجربة بريطانية مثيرة للجدل في أوساط التعليم

GMT 03:29 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

موسم الكرز

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 00:01 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

"لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا"
  مصر اليوم - لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»

GMT 20:44 2021 الأربعاء ,15 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تتعرض للخيانة الزوجية من صديقتها المقربة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon