توقيت القاهرة المحلي 05:32:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الإيمان ينبع من الوجدان

  مصر اليوم -

الإيمان ينبع من الوجدان

بقلم: مصطفى الفقى

الإيمان هو ما وقر فى القلب وصدّقه العمل، فهو لا يفترض وصاية خارجية عليه ولا تحديدًا لقدره، فالإيمان ينبع من الوجدان، ولا يوجد فى جسد الإنسان عضو يسمى الوجدان، ولكنه مزيجٌ من القلب والعقل، إنه ذكاء القلب وعاطفة العقل، يتحكم فى مشاعر الإنسان ويحدد مسار الأحداث وموقفه منها، لذلك اندهشت كثيرًا للجدل الدائر حول مصداقية الإسراء والمعراج بعقلية باردة وتفكيرٍ مادى مطلق!، بينما الأمر يختلف كليةً عن ذلك، فالإيمان يستقر فى الأعماق، فهو أقرب إلى شعور الحب الدفين لدى صاحبه لا يكاد يعرف له بداية ولا نهاية، ولقد عاصرت مشاعر أصدقاء لى تجاه المحبوبة والهيام بها والغرام بكل ما فيها، بينما قد تبدو لى ولغيرى قبيحة المنظر ليس فيها من سمات الجمال طلّة واحدة فى نظرى، ومع ذلك فصاحب الشأن يهيم بتلك التى نتحدث عنها ولا يقبل نقاشًا أو انتقادًا لها، فهى عنده درة الجمال وخلاصة البشر رغم أنها لم تتهم يومًا بجمالٍ، ولم تكن أبدًا خلاصة بنات جنسها،

ولكنه الحب الذى يقبع فى أعماق صاحبه، ولا يمكن مناقشته أو الحوار معه بالعقل أو استخدام الطرق العادية للتفكير لأنه يرى فيها ما لا نراه، ويُقدر لها ما لا نعرفه، إنه شعورٌ دفين لا يطفو على السطح إلا إذا أثاره طرف ثالث، وهذا شأن الإيمان أيضًا، حيث يستقر فى الأعماق ويتحول إلى جزءٍ لا يتجزأ من وجدان صاحبه لا يقبل التفريط فيه أو المساس به، وهذا شأن العقائد- أيها السادة- تتغلغل فى خلايا الجسد وتصبح جزءًا من منظومة العقل وتتحول إلى عاطفة جيّاشة يُعد المساس بها جريمة كبرى، فالعقيدة لا تناقش. ولقد خاطب الحق نبيه إبراهيم بقوله: (أوَ لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبى)، وهو ما يعنى أن ذلك الجدل الدائر حول حقيقة الإسراء والمعراج يأتى فى غير محله ويفتح ملف الإيمان بأساليب عصرية ليست هى بالضرورة الأفضل أو الأجدى، فمَن وُلد مسلمًا يظل الإسراء والمعراج حقيقة ثابتة راسخة فى وجدانه لا يقبل المساس بها، ومَن وُلد مسيحيًا يؤمن بمعجزات السيد المسيح ولا مجال للتشكيك فيها، ولقد شهدنا منذ أعوام سقوط مئات القتلى فى دولة باكستان الإسلامية احتجاجًا على المساس بشخص الرسول الكريم وشيوع الرسومات المسيئة لمكانته الرفيعة فى قلوب أتباعه. إننا لا نصادر على العقل عندما يناقش قضايا التاريخ الإسلامى المادى الملموس أو عندما نطرح قضية الفتنة الكبرى والصراع بين على ومعاوية، ومهما جنح بنا الخيال وشطحت معنا الأفكار فإننا من حقنا أن نكون مع أو ضد أى منهما تحت مظلة الإسلام والإيمان به دينًا حنيفًا، وأنا شخصيًا المسلم المصرى عندما أحضر صلاة فى كنيسة أشعر بالتوقير لأهل العقيدة التى يدين بها أشقاؤنا فى الوطن وأرى أن احترامها واجب مقدس على كل مَن لديه إيمان روحى مهما كان الخلاف معه، لذلك فإننى أقول لأصدقائى الذين يفتحون هذه الملفات، ومنهم أصحاب عقليات متميزة، إنه ما هكذا تُورَد الإبل يا إبراهيم، وأنت مفكر من الوزن الثقيل، فالعقلية المضيئة تتحاشى الدخول فى كواليس الإيمان ودهاليز الطرح الروحى، فلنختلف فى الفقه ما نشاء لأنه صناعة بشرية، ولكن الإيمان بما أنزل الله وأقرّه رسوله هو تراكم إنسانى مكتسب يمثل ركامًا ضخمًا من المشاعر الصادقة والأحاسيس الراسخة، فقد لا يصدق البعض إسراء محمد، صلى الله عليه وسلم، ومعراجه، ولكن ذلك جاء بنصٍ صريح فى الكتاب المقدس للمسلمين، وهو القرآن الكريم، فلا يجب إطلاقًا المساس به أو إخضاعه لعملية تحليل عقلية مجردة من المشاعر الإيمانية. والمساس بمَن اصطفاها الله على نساء العالمين العذراء مريم هو جريمة فى حق المسيحيين والمسلمين معًا، فهى تحظى بالتقديس والاحترام المشترك بينهما، ولذلك فإننى أقول مرة أخيرة: ليكن جدلنا العقلى حول ما هو بشرى فقط لأن المساس بقدسية ما جاء فى الذكر الحكيم هو افتئاتٌ على رسالات السماء وإساءة مباشرة لمشاعر المؤمنين، فالإيمان لا يناقش ولكنه يُحترم لدى أتباعه فى كل زمان ومكان

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإيمان ينبع من الوجدان الإيمان ينبع من الوجدان



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon