توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الأزهر ودوره الجديد

  مصر اليوم -

الأزهر ودوره الجديد

بقلم: مصطفى الفقى

سيظل الحديث عن الأزهر مصدرًا لجاذبية خاصة، باعتباره أيقونة إسلامية على أرضٍ مصرية، والذين يتحدثون عن الأزهر كثيرًا، بل ينتقدون بعض مظاهر الأداء فيه، إنما يفعلون ذلك من منطق الإكبار له وتحميله ما لا طاقة له به، وهى طموحات وآمال معقودة عليه والنتائج المنتظرة منه، فالأزهر الشريف قلعة دينية حفظت التراث الإسلامى ووضعت اللغة العربية (لغة القرآن) فى مكانها الطبيعى لسانًا لشعوبٍ تلقفت الدعوة واحتفت باللغة على مر الزمان، ولقد أصبح الأزهر الشريف فى مرمى حجر فى السنوات الأخيرة، على الرغم من النهضة الملموسة فيه، ذلك أن هناك من يطمحون فى المزيد ويريدون لهذا المركز الإسلامى السنى العريق أن يصبح بحق أداة للإصلاح ومصدرًا للتنوير لا يسبقه العصر ولا يتخلف عن أدواته مهما كانت الأسباب، فلقد دخلته العلوم الحديثة وتنوعت فيه الدراسات المتقدمة، فلم يعد هناك مبررٌ للجمود أو التوقف الماضوى أو الابتعاد عن التجديد الذى هو سُنة الحياة بما لا يمس جوهر العقيدة أو ثوابت الدين، ولنا هنا عدد من الملاحظات أهمها:

أولًا: إن الإمام الأكبر الحالى أستاذ للفلسفة الإسلامية أكمل جزءًا من دراسته العليا فى فرنسا، وهو الطريق الذى سلكه المجددون من قبله بالابتعاث بالخارج والارتباط بعلومه بدءًا من الإمام محمد عبده، مرورًا بأسماء أخرى مثل محمد البهى ومحمود زقزوق، وهما نتاج المدرسة الألمانية فى الدراسات الإسلامية، ولكن يبقى الإمام الطيب فريد بابه، فهو ابن بيتٍ عريق فى صعيد مصر، عُرف بشدة الالتزام بما يؤمن به والقدرة على التوازن فى شتى المواقف، فضلًا عن علمٍ غزير وخلقٍ كريم واحترامٍ للذات وحرص شديد على كبرياء الدعوة ومكانة الأزهر.

ثانيًا: أتذكر بكل الاهتمام والتقدير الدعوة التى تلقيناها - مجموعة من المثقفين المصريين مسلمين ومسيحيين رجالًا ونساءً - بعد أحداث يناير 2011 من الإمام الأكبر يدعونا فيها إلى لقاءاتٍ منتظمة فى مقر المشيخة بحضوره مع وزراء الأوقاف المتعاقبين وكبار رجال الدعوة فى الأزهر الشريف، وكان اللقاء يمثل كافة الاتجاهات المتشددة والوسطية والمعتدلة، مع تنوع تمثيل المدارس الفقهية بين الحاضرين، بل لقد كان اليسار المصرى وبعض رموز التنوير ممن يحملون على الأزهر أحيانًا بحق وبغير حق ممثلين فى تلك اللقاءات، ولكن سعة صدر الإمام والروح الوطنية المصرية التى سادت اللقاء بين المتحلقين حوله وضعتانا فى أجواء جديدة صدرت عنها وثائق كبرى هى وثائق الأزهر الشريف فى ذلك الوقت، والتى اتسمت بالعمق والاعتدال مع احترام الثوابت والرغبة الحقيقية فى التجديد. وأتذكر فى هذا السياق دور الوزير الراحل الدكتور محمود زقزوق، والمستشار الراحل للإمام الأكبر الدكتور محمود عزب، كما أتذكر أننا اعتمدنا فى الصياغة على الناقد الأدبى الكبير الدكتور صلاح فضل، يعاونه مثقف مصرى مرموق هو الأستاذ نبيل عبدالفتاح، واتسمت روح هذه اللقاءات بالحوار الحر البنّاء حول قضايا حرية التعبير وتمكين المرأة والترحيب بالفنون والآداب التى تلتزم بقيم المجتمع وأخلاق أجياله.. فجاءت الوثائق نقاطًا مضيئة فى تاريخ تلك المؤسسة الإسلامية الكبرى، وجرت ترجمة نصوصها إلى اللغات المختلفة، واستبشرنا جميعًا خيرًا بأن الأزهر الشريف تمكّن فى عهد إمامه الجليل من إصدار تلك الوثائق، ولكنها توارت وراء الأحداث ولم يعد ذِكرها قائمًا حتى تجددت الدعوة إلى مضمونها من رئيس البلاد عبدالفتاح السيسى عندما تولى منصب الرئاسة وطرح موضوع تجديد الفكر الدينى هدفًا وغاية له ولمسلمى مصر ومسيحييها على السواء.

 

 

ثالثًا: إن الأزهر الشريف فى ظنى يحتاج إلى مراجعة المناهج الدراسية، خصوصًا فى السنوات الأولى للتعليم مع رقابة علمية مطلوبة على المعاهد الأهلية المنتشرة فى ربوع البلاد، إذ إن المعلومات المتوفرة عنها أن من يقومون بالتدريس فيها غير مؤهلين لذلك، فضلًا عن اضطراب المناهج وغياب الرؤية وضعف المستوى العلمى بشكل ملحوظ. ولا أتصور ذلك الأمر فى أماكن هى الأولى بحفظ كتاب الله وتداول علوم القرآن والفهم الصحيح لسنة رسوله تمهيدًا للقدرة على تنقية الفقه الموروث الذى آل إلينا بعد العصور التى كان بعضها مزدهرًا وبعضها الآخر مظلمًا وبائسًا.

 

 

إننى أكتب هذه السطور على مشارف الشهر الكريم، لكى أجدد الاحترام للأزهر الشريف وإمامه الرشيد، مع أمنياتٍ أن يلعب الأزهر دوره المنتظر الذى يقوم على تراكم خبرة أكثر من ألف عام كان فيها مركزًا لعلوم الدين واللغة وملاذًا للحركة الوطنية ومصدرًا للاعتدال والوسطية

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأزهر ودوره الجديد الأزهر ودوره الجديد



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري

GMT 18:33 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميا خليفة تحضر إلى لبنان في زيارة خاصة

GMT 14:47 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

الحضري على رأس قائمة النجوم لمواجهة الزمالك

GMT 11:13 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

ما وراء كواليس عرض "دولتشي آند غابانا" في نيويورك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon