توقيت القاهرة المحلي 22:22:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التعليم وانصهار الأمة

  مصر اليوم -

التعليم وانصهار الأمة

بقلم : مصطفى الفقي

من الحقائق المعترف بها أن الانصهار الحقيقى لكل أمة يأتى من مصدرين أساسيين، أولهما هو الجندية الإجبارية - أى خدمة العلم - على كل من يحمل جنسية الدولة، أما الثانى فهو حق التعليم العام والمفترض أن يكون مكفولًا لكل مواطن فى مساواة كاملة يستعد بها لخدمة وطنه، إن حق التعليم يؤكد الانتماء ويسعى إلى الاندماج الكامل بين أفراد الوطن خصوصًا فى مستهل حياتهم بحيث يشعر الجميع بأن مفهوم المواطنة يجد تطبيقه عمليًا بصورة غير منقوصة، وهنا نلاحظ أن أمر الجندية محسوم فكل من ينتمى لهذا الوطن يجب أن يدفع ضريبة الدم التى نسميها خدمة العلم لفترات محددة يشعر فيها الشاب بالانتماء الشديد لوطنه والاستعداد للتضحية من أجله، وذلك أمر لا خلاف حوله ولا جدال فيه ولكن المظهر الثانى من مظاهر الوحدة الوطنية الكاملة لا يجد تطبيقه الصحيح فى نظامنا التعليمى، إذ إن لدينا أنماطا متباينة من نظم التعليم فى البلاد بدءًا من التعليم الحكومى وصولًا إلى التعليم الخاص مرورًا بالتعليم الأجنبى مع الوضع فى الاعتبار أن معظم المدارس قد أصبحت مؤسسات استثمارية تعود ملكيتها لأفراد أو لعائلات محددة يمارسون عليها حق الإدارة وتشكيل صورة المستقبل من خلال المؤسسة التعليمية التى ينتمون إليها، وهم بذلك يلعبون دورًا خطيرًا بتكريس التمييز بين الأفراد والعبث بمفهوم المساواة التى يجب أن يشعر بها كل مواطن تجاه غيره من أبناء الوطن الواحد، فهم يسهمون- إيجابًا وسلبًا- فى تشكيل العقل الجمعى للأمة المصرية وهو أمر جد خطير لو تعلمون! فمنه تنطلق العبقريات والأفكار الرائدة والرؤى السليمة، ومنه أيضًا تنطلق الأفكار الهدامة والانحرافات المزمنة والنظرة الضيقة، وإذا كنا اليوم نحيى العسكرية المصرية متمثلة فى أبنائها البواسل الذين خرجوا من صفوف الشعب تلبية لنداء الشرف والواجب والتضحية بأعمارهم فى سن الشباب دفاعًا عن تراب مصر وحدودها المستقرة عبر آلاف السنين فإننا نؤكد أن الجندية بحق هى معمل انصهار كبير لسبيكة وطنية نعتز بها ونزهو بوجودها تأكيدًا للتجانس الشديد والانصهار القوى بين كافة الفئات والديانات والطوائف دون النظر للمستوى الاجتماعى أو الأصول العرقية، فالعبرة تكون بالانتماء لمصر والولاء للوطن، ويهمنى هنا أن أسجل ملاحظتين هامتين:

الأولى: إننى- شخصيًا- من المعجبين بوزير التعليم الحالى وسر إعجابى به هو جسارته فى اقتحام مجالات لم تكن مطروقة والإفصاح عن المسكوت عنه فى العملية التعليمية وإصراره على تحديث المنظومة كاملة على كافة المستويات، وقد جاء وباء الكورونا ليعزز من وجهة نظر الوزير فى إقرار نظم التعليم عن بعد وكأنما يبدو ذلك أنه تأكيد لمأثورة قديمة «رب ضارة نافعة»، فجاء التيار الكاسح فى العالم داعمًا لظاهرة «العمل والتعليم عن بعد» بما عزز سياسات الوزير ودعم توجهاته المدعومة من رئيس البلاد ولكن بقيت مسألة توحيد النظم التعليمية فى مصر وهى مسألة معقدة وشائكة تتداخل فيها عوامل اقتصادية واجتماعية وسياسية فضلًا عن الفوارق الطبقية أيضًا وهى ترتبط كلها بمبدأ المساواة وشعار المواطنة لذلك يتعين أن تكون الفرص متكافئة فى التعليم العام ونوعياته والأسس الأخلاقية والتربوية التى يستند إليها تحت مظلة الوطن الواحد.

ثانيًا: إن التعليم العالى فى مصر قد قفز خطوات إلى الأمام فى السنوات الأخيرة لأن وزير التعليم العالى يؤمن بمفهوم توسيع دائرة الإتاحة فى الدراسات الجامعية واستدعاء أرقى مستويات التعليم الأجنبى إلى الأرض المصرية رفعًا لكفاءة الجامعات لدينا وتعزيزًا لمفهوم الانصهار بين الطبقات حتى ترصعت سماء مصر بعدد من الجامعات الأجنبية والأهلية إلى جانب الجامعات المصرية العريقة التى هى بالضرورة قاطرة التعليم المصرى كله.

بقيت همسة فى أذن الوزيرين بحكم منصبيهما الخطيرين فى تحديد الهوية الوطنية والتركيبة الجديدة للعقل المصرى وتلك الهمسة هى ضرورة وضع حد مقبول لمصروفات الجامعات بكل أنواعها، وذلك رعاية لطبقات هى أكثر عددًا وأقل دخلًا، وإذا كنا لا نستطيع تطبيق شعار عميد الأدب العربى د. طه حسين «التعليم كالماء والهواء»، فدعنا نضيف للعبارة كلمة (بأقل تكلفة)، ما دمنا لا نستطيع تحقيق المجانية الكاملة.. أيها السادة إن خطورة المستقبل المصرى تكمن فى منظومة التعليم، فهو بوابة العصر إلى غد أفضل بغير جدال!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التعليم وانصهار الأمة التعليم وانصهار الأمة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon