بقلم - شريف عابدين
كلما اشتدت وطأة الإصلاحات الإقتصادية على المواطن فى مصر اتجهت الأعين نحو تجارب لدول مجاورة تجمعنا بها آليات اقتصادية متشابهة وظروف سياسية متقاربة.
من أقرب تلك الدول المغرب رغم أنها تنفرد منذ عقود طويلة باستقلالية التجربة السياسية,واتضح ذلك فى قدرتها على الاحتواء السريع والذكى لرياح الربيع العربى التى استهدفت مفاصل الأمة,كما احتفظت المغرب باستقلالية التجربة الإصلاحية الإقتصادية التى انطلقت بقوة عام 2013 تحت شعار(الإصلاح فى ظل الاستقرار).
انطلاق قطار الإصلاحات الإقتصادية فى مصر بكل قوة فى نوفمبر 2016 وما استتبعه من اجراءات تعويم للجنيه ورفع تدريجى للدعم على المحروقات واكبه ارتفاع هائل فى أسعار السلع الأساسية والخدمات,دفع البعض إلى الإشارة للتجربة المغربية المتأنية فى الإصلاح بغية التخفيف من آثار الإصلاحات على الطبقتين الفقيرة والمتوسطة,لكن هؤلاء لم يلتفتوا إلى وجود اختلافات بين التجربتين تؤدى إلى اختلافات فى تطبيق الإصلاح.
فمن وجهة نظر رجال الاقتصاد أن الظروف السياسية فى مصر (اندلاع ثورتين) وما اعترى تلك الفترة من تأثر للصادرات وتراجع للاحتياطى من العملة الصعبة وتدهور السياحة,شكلت الفارق الأهم بين التجربتين المصرية والمغربية فى الإصلاح ومنها أن مصر كانت مضطرة للجوء للتعويم المباشرالذى يتحكم فيه العرض والطلب،بينما فضلت المغرب تعويما متدرجا ينظمه البنك المركزى على مراحل زمنية تمتد لنحو 15 عاما.
التعويم المتدرج للجنيه للتقليل من آلام الإصلاحات على غرار الحالة المغربية,لم يكن مفيدا من وجهة النظر الإقتصادية لأن سعر الصرف أمام العملات الأجنبية كان سيقفز بصورة أكبر خاصة وأن قرار التعويم تأخر نحو 10 سنوات على الأقل,وكانت هناك حاجة عاجلة لرفع مستويات الاحتياطى النقدى الآخذ فى التناقص، وإعادة التوازن إلى الموازنة العامة.
اختلاف التجربتين لايمنع تشابه بعض آليات التنفيذ مثل حماية الطبقات الأكثر تأثرا بالإصلاحات عبر برامج للمعاشات وتوفير قروض للمشروعات الصغيرة وتشغيل الشباب بالتزامن مع حملة على الفساد الذى يحرم البلدين من أموال طائلة تأخذ طريقها إلى جيوب الفاسدين,ويحسب لقيادتى البلدين اتخاذ قرار مصيرى لحماية الإقتصاد الوطنى مما يصفه الإقتصاديون بـ(السكتة القلبية) .
نقلا عن الاهرام القاهريه