بقلم : سامح فوزي
زيارة جامعات فى دول متقدمة يشعرك دائما أن للتقدم أسبابا، ولطلب التقدم اشتراطات، ولمواجهة الأعباء متطلبات. أهمها هو العنصر البشرى المتعلم المدرب القادر على المنافسة مع أقرانه ليس فقط محليا ولكن أيضا إقليميا، ونطمح أن يكون دوليا. المؤسف أن يكون خريج جامعات مصرية مجرد رقم تكرارى فى دفتر لا يحمل تميزا، أو أن يكون حاصلا على أعلى الشهادات ويضطر للعمل فى الخارج فى مجال العمل اليدوى لأنه لا يجد غيره. مهندس أو صيدلى يعمل سائقا، مع كامل الاحترام لمهنة السائق، إلا أنه لم يدرس سنوات حتى يعمل فى هذه المهنة. السبب عدم قدرته على الدخول فى مجال تخصصه.
هناك «روشتة» لتحقيق التقدم بالنسبة لأى جامعة، تتأكد من فعاليتها كلما زرت جامعة فى دولة متقدمة. وبمنطق المخالفة، تتأكد أيضا من فعاليتها كلما اطلعت على حالة البؤس الذى تجده فى مؤسسات تعليمية جامعية فى مجتمعنا.
أولا: التقدم المستمر، فهى جامعة ترعى العلم الذى فيه جديد كل يوم، ومن باب أولى أن هناك جديدا لديها فى برامجها التعليمية، وتطويرا فى داخل كل برنامج تعليمى لديها فى إطار من الحرية الاكاديمية.
ثانيا: استقطاب أفضل عناصر فى هيئة التدريس. الجامعات المتقدمة تجعل الاختيار عبر منافسات مفتوحة، وقد تسفر عن اختيار أساتذة من جنسيات أخرى أو مجتمعات مغايرة، المهم الخبرات التى يمتلكونها، والتى سوف يضيفونها لمواقعهم. وهناك جامعات تضع ضمن شروط اختيار أعضاء هيئة التدريس بها ألا يكون حصل على الدكتوراه من نفس الجامعة على اعتبار أن ليس له ما يضيفه، خاصة أنه أنجز أهم دراسة فى حياته البحثية فى مرحلته العمرية.
ثالثا: الاهتمام بالمصادر المكتبية، سواء كانت كتبا أو مجموعات خاصة أو وثائق ومخطوطات، إلخ، عنوان الثراء هو امتلاك التنوع فى المصادر على النحو الذى يشكل عنصرا جاذبا للطلاب والباحثين، ومن أجل ذلك تنفق الجامعات على تزويد مكتباتها مبالغ طائلة، لأن ذلك عنوان التقدم بها. وفى ظل تعدد مصادر المعرفة، وتشعبها، وتعددها، لم تعد القضية هى جمع مصادر عن كل شىء، ولكن الأهم هو التخصص، بمعنى أن تصبح المكتبة لها أهميتها فى مجال من المجالات.
رابعا: التطوير دون الإخلال بالأصالة أو الشكل الأساسى للجامعة. منذ وقت قريب كنت فى جامعة «ليفربول هوب» فى بريطانيا، لديها مبانى قديمة أضيف إليها مبانى حديثة، احتفظت الجامعة بالطراز المعمارى السائد على نحو يجعل الزائر يواجه صعوبة فى التفرقة بين القديم والحديث، نفس الأمر وجدته فى جامعات أخرى. الهوية المعمارية مهمة فى الحفاظ على الصورة الذهنية للجامعة، والتناسق الفنى، والشكل المميز الخاص بها.
خامسا: الحياة الطلابية الثرية، سواء من خلال الأندية الطلابية، الأنشطة الرياضية، والفنية، والثقافية والروحية، وتوفير بيئة جاذبة للطلاب، الذين لا يسعون فقط إلى التحصيل العلمى، ولكن إلى التكوين الإنسانى بمختلف أبعاده، وهو ما يتحقق من خلال أنشطة ثقافية واسعة لا تقتصر فقط على التعليم بالمعنى الضيق.
نقلًا عن الشروق القاهرية