توقيت القاهرة المحلي 11:05:58 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التسلط الاستهلاكى

  مصر اليوم -

التسلط الاستهلاكى

بقلم - سامح فوزي

تنتج المجتمعات حتى تستهلك، فليس الاستهلاك عملا سلبيا، لكنه يؤدى وظيفة فى الاقتصاد. فماذا لو انخفض استهلاك المجتمع إلى حدوده الدنيا؟ سوف يقل الإنتاج، وتضطر المصانع إلى تخفيض العمالة بها، وتزداد البطالة، وقد يتجه بعض الأعمال إلى إغلاق أبوابها. ولكن إذا تسلطت حمى الاستهلاك على البشر، فإن النتائج قد تكون عكسية، حيث تقل قدرة الناس على الادخار، وينفقون كل ما فى جيوبهم، وقد تستبد بعقولهم تطلعات الاستهلاك، ويتجهون إلى الاستدانة أو الاكتئاب أو محاولة الكسب بأى سبيل، فى الوقت الذى تزداد معدلات استيراد السلع غير الضرورية حتى تلتهم الرصيد المتاح من النقد الاجنبى.
ترتفع أسعار السلع منذ فترة فى المجتمع، وتزداد معدلات التضخم، ويشكو الناس من أن القدرة الشرائية للجنيه فى انخفاض، بينما أسعار السلع فى ارتفاع. وهناك من المحللين الاقتصاديين من يقولون إن القادم قد يكون أسوأ، حيث تستمر أسعار السلع فى الصعود، بينما يزداد انخفاض قيمة الجنيه. ومنذ أيام صار حديث الفضائيات، ومواقع التواصل الاجتماعى ارتفاع أسعار وجبات أحد محلات الوجبات الجاهزة الشهير، وكأن الناس تعيش على هذه الوجبات، أو أن هذا يمثل أسلوب الحياة فى المجتمع. وأظن أن هذا نتاج عقلية الاستهلاك التى غرست فى حياة المصريين، إلى حد أن المرء عندما يمر على محل الوجبات الجاهزة المشار إليه تجد كل الطاولات مشغولة، وطابور أمام المكان المخصص لتسليم الوجبات، وعمال خدمة توصيل المنازل يعملون بكثافة فى الشارع. إذا عدنا إلى سبعينيات القرن الماضى لم يكن أهل مصر يأكلون الوجبات الجاهزة، بما تحمله من مضار صحية، مثلما كانت مجتمعات فى أفريقيا لا يعرفون الدقيق فى صناعة الخبز بل لديهم محاصيل أخرى محلية يصنعون منها الخبز، وكانت الرضاعة الطبيعية هى أساس إطعام الأطفال حديثى الولادة قبل ان ينتشر اللبن الصناعى. ما الحكاية؟ القصة باختصار أن الشركات العالمية الكبرى عرفت كيف تغزو المجتمعات بالإعلان والإبهار وتصدير شكل حياة الغرب إليها حتى تغير من نمط الحياة اليومية، وتجد أسواقا رائجة لمنتجاتها. وقد حدث ذلك بالفعل، مما وضع ضغوطا شديدة على ميزانيات الدول، كما قلصت بشدة من القدرات المالية للأفراد، الذين يلهثون وراء شراء المنتجات.
ولا يشمل التسلط الاستهلاكى استهلاك المادة فقط، ولكنه يمتد ليشمل استهلاك الانسان ذاته من خلال استعراض الوجاهة، والجمال، وممارسة الاستعلاء الطبقى، وقد ساعدت السوشيال ميديا على انتشار المباهاة والافتعال الطبقى.
الملفت أن مصدرى التسلط الاستهلاكى ليسوا من دعاة الاستهلاك البذخى، ويكفى أن ننظر إلى نمط حياة الأسرة الغربية من الطبقة الوسطى، كيف أنهم لا يعيشون بالحياة المصدرة لنا، ويختارون نهجا استهلاكيا فى الحياة، لا يعرف البذخ، أو الترف، أو المغالاة فى الاستهلاك.
أظن أن الحياة تدفعنا إلى أن نعيش بهذه العقلية حتى نستطيع أن يعيش هذا المجتمع.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التسلط الاستهلاكى التسلط الاستهلاكى



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 00:01 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

"لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا"
  مصر اليوم - لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»

GMT 20:44 2021 الأربعاء ,15 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تتعرض للخيانة الزوجية من صديقتها المقربة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon