بقلم : سامح فوزي
فى كنيسة كبيرة اشتراها الأقباط العام الماضى من الكنيسة الانجليكانية فى «ليفربول» ببريطانيا تجمع عدد منهم فى قداس مساء الجمعة الماضى للاحتفال بذكرى رحيل البابا كيرلس، الذى تُسمى الكنيسة على اسمه، أعقبه حفل خاص بهذه المناسبة. لم تكن هذه الاحتفالية استثناء، فقد احتفل الأقباط فى مختلف دول العالم، وشهدت الأماكن التى استقر فيها البطريرك الراحل حضورا جماهيريا كثيفا مثل مزاره فى دير مار مينا بمريوط، أو بعض كنائس مصر القديمة، ومن بينها طاحونة الهواء التى عاش فيها متعبدا لسنوات قبل أن يُختار بطريركا.
يحب الأقباط البابا كيرلس، وهناك قطاع عريض من المسلمين الذين عرفوه يعتزون كثيرا به، فهو رجل تقى، صلواته مستجابة، نفسه شفافة روحانية، وهناك الآلاف من الناس لهم مواقف شخصية معه تحفل بها كتب كثيرة صدرت على مدى سنوات، وقد اعترفت الكنيسة بقداسته، فهو قديس القرن العشرين.
تولى البابا كيرلس الكنيسة القبطية بعد فترات من الضعف الداخلى، فازدهرت الكنيسة فى عهده، وغلبت عليها مسحة روحية، ونشط جيل جديد من القيادات الشابة من بينهم البابا شنودة الثالث الذى اختاره أسقفا للتعليم فى الستينيات، إلى جواره الأنبا صموئيل أسقف الخدمات الاجتماعية – الذى استشهد فى حادث المنصة مع الرئيس السادات، والأنبا جريجوريوس أسقف البحث العلمى، والأب متى المسكين وغيرهم. هؤلاء جميعا كانت لهم أدوار مهمة فى مرحلة لاحقة، وكثير من تلاميذه أصبحوا كهنة واساقفة فى عهد البابا شنودة الثالث.
بالطبع من الناحية السياسية يهتم كثيرون بعلاقته الوثيقة بالرئيس الراحل جمال عبدالناصر، فقد كانت هناك «كيمياء» فى العلاقة بينهما لم تستمر بين الرئيس السادات والبابا شنودة، لكن جمهور الأقباط العام لا يشغلهم أمر السياسة قدر ما يفكرون فى البابا كيرلس من زاوية روحانية، يعتبرونه قديسا يتشفعون به، ويرون أنه قريب منهم، فلا يخلو بيت قبطى من صورة له. عباراته التى تركها آسرة. مثل «الرب قريب لمن يدعوه»،و أيضا «كن مطمئنا جدا جدا، ولا تفكر فى الأمر كثيرا، بل دع الأمر بيد من بيده الأمر»، وغيرها من العبارات التى يحفظها كثيرون عن ظهر قلب.
السؤال: لماذا يزداد تعلق الأقباط بالبابا كيرلس؟ تتعدد الإجابة. بساطته، قربه الشديد من الناس خلال فترة رئاسته للكنيسة، تواضعه الجم، وقد قضى سنوات طويلة فى مغارة أعلى جبل فى مصر القديمة كان الناس يفدون إليه لنوال بركته، صلاته الدائمة، احساس الناس بأن لهم معينا وسندا روحيا، فى وقت تزداد فيه الضغوط الاقتصادية والاجتماعية، وترتفع وتيرة البحث عن معانى انسانية وروحية فى الحياة.
كان شخصا استثنائيا فى حياته، وقداسته، رحل فى شهر مارس، وهو ذات الشهر الذى رحل فيه خلفه البابا شنودة الثالث الذى تعلق به الناس لقدراته الفائقة على التعليم، والنهضة التى اقامها فى الكنيسة القبطية، وقدره المصريون جميعا لمواقفه الوطنية.
نقلًا عن الشروق القاهرية