توقيت القاهرة المحلي 11:54:09 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل تقفز قطر من سفينة إيران؟

  مصر اليوم -

هل تقفز قطر من سفينة إيران

بقلم - هاني سالم مسهور

مع انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، تغيرت قواعد كثيرة على طاولة الشطرنج الدولية، فاللاعبون الكبار، أخذوا يراجعون ما يمتلكون من أوراق يمكن تحريكها، أو حتى تلك التي ماتت بأيديهم في لحظة إعلان الرئيس دونالد ترامب، انسحاب بلاده من الاتفاقية نهائياً، معلناً عن إعادة العقوبات الأميركية، ومتوعداً بتشديدها، نتيجة التدخل الإيراني في الدول العربية، واستمرارها في تطوير برامج الصواريخ الباليستية.

فبينما تتخبط الدول الأوروبية، التي بدورها ارتبطت بعقود بلغت مئات المليارات من الدولارات مع النظام الإيراني، بعد إبرام الاتفاق النووي في يوليو 2015م، تراجع روسيا والصين وغيرها من القوى الدولية، ارتباطاتها مع نظام إيران، وتبحث عن إعادة تأطير لعلاقات اقتصادية، ستبدو صعبة في مستقبل إيران.

النظام القطري واحد من الأنظمة التي ألقت بنفسها في أحضان النظام الإيراني، وراهنت على ذلك، فمن وجهة النظر القطرية، فإن قطر دولة لها ثقلها السياسي، وهي تمثل محوراً من محاور السياسة في العالم، هذه الحجة أوردها وزير الخارجية الأسبق، ورئيس وزراء قطر، حمد بن جاسم، في تعليقه على الخلاف مع المملكة العربية السعودية تحديداً، فالقطريون يشعرون أنهم يمثلون قُطباً دولياً، له أن يصنع تحالفاته كما يشاء، بعيداً عن الحسابات الجيوسياسية التي تفرضها الجغرافيا.

لم يخفِ النظام القطري ارتباطاته السياسية والاقتصادية والعسكرية بالنظام الإيراني، بل إن مندوب قطر في الجامعة العربية، وصف إيران بـ (الشريفة)، مبرراً علاقة بلاده بها، معززاً استدعاء أمير قطر تميم بن حمد، لقوات إيرانية لحماية قطر، هنا، حالة ارتباك مكررة، فالنظام القطري يدّعي أنه له السيادة في قراراته، وأن هناك تدخلات في مضمون سيادته، غير أن هذه السيادة تبددت كلياً، عندما نزلت القوات الإيرانية والتركية، وقبلها الأميركية، على تراب قطر ذات المساحة الضئيلة جداً.

قطر استغلت غطاءً إنسانياً لتمرير صفقات هائلة لتمويل الإرهاب، قطر ضخت الأكسجين في رئة التنظيمات الإرهابية، والدفع بها مجدداً للحياة، هذه التنظيمات قبضت مبالغ ضخمة، بتقديمها المساعدات الإنسانية، وفك الرهائن، تقدم حيلاً شيطانية لتمويل ودفع الأموال الطائلة للجماعات الإرهابية، ولعل ما كشفته واشنطن بوست حول الوثائق التي تدين تورط النظام القطري، تؤكد مرة أخرى، أن ما اتخذه النظام القطري من منهج منذ 1995م، لم يكن سوى نهج واضح بلعب دور العراب في العوالم الخفية التي تنشر الإرهاب والمخدرات والأسلحة.

تدرجت العلاقة بين الدوحة وحزب الله وإيران، وعرفت تعزيزاً للعلاقات، جاءت على شكل زيارات ولقاءات مكثفة بين الدوحة وطهران، بوجود قيادات بارزة في حزب الله، ناهيك عن برقيات المواساة التي حرصت القيادة القطرية على إرسالها في أثناء الحوادث التي كانت تقع في طهران.

وعلى الرغم من تلك التفاصيل والوقائع والأحداث والمعلومات، التي تثبت مدى تورط الدوحة وميليشيا حزب الله اللبناني، والتي عملت قطر جاهدة على نفي الصلة بها، فإن الأزمة القطرية الأخيرة، جاءت لتؤكد صحة ذلك، بعد أن سمحت الدوحة بدخول لبنانيين إلى أراضيها بدون تأشيرة مسبقة، لتسهيل دخول عناصر تنظيم حزب الله اللبناني، المصنف دولياً كجماعة إرهابية، للأراضي القطرية، لمساعدة قوات الحرس الثوري الإيراني والقوات التركية في حماية أميرها تميم بن حمد، إضافة إلى استعدادهم لنقل أعداد كبيرة من مقاتلي الحزب الشيعي اللبناني، ودمجهم بالجيش القطري، بعد منحهم الجنسية القطرية، والسبب أن القصر الأميري، لا يثق بالجنود والضباط القطريين الأصليين من أبناء القبائل العربية، ويضع ثقته الكاملة في القوات المجنسة من الإيرانيين واللبنانيين وغيرهم، ما شجع عدة شخصيات شيعية بارزة في "حزب الله"، للتقدم بطلب تأشيرة دخول قطر، وافقت عليها السفارة القطرية في بيروت، والسماح لهم بالمرور للأراضي القطرية دون تأشيرة.

حتى ما كشفته الوثائق المسربة حول علاقة الصف الأول من القيادة السياسية في قطر، مع قاسم سليماني، المصنف دولياً بأنه إرهابي، يثير تساؤلات عما هو أبعد من تمويل الجماعات الإرهابية، إلى الارتباط التنظيمي بهذه الجماعات، لتنفيذ أجندات مشبوهة، ويبقى دفع الفدية التي بلغت مليار دولار، دليلاً على مدى ما ذهبت إليه القيادة القطرية، وهذا ما أكدته التلغراف البريطانية، بعد أن أوردته أولاً الفايننشال تايمز (يونيو 2017م)، ونيويورك تايمز (مارس 2018م)، وكذلك واشنطن بوست (أبريل 2018م)، تماماً كما هي الحالة التي ارتبطت بها مع زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، الذي ذكر في وصيته الشهيرة، أنه لا يجب المساس بالنظام في قطر، فهو حليف لتنظيم القاعدة مالياً وإعلامياً.

الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي الإيراني، يعتبر متغيراً، على نظام قطر النظر إليه بجدية، فلا يمكن بعد هذا المتغير، الاحتماء بإيران، أو حتى حليفتها تركيا، فلقد بالغت قطر في غيها وطيشها، وعليها إعادة تقويم الموقف، فلن تجد حماية وصيانة إلا في محيطها العربي، الاحتماء بمنظومة مجلس التعاون الخليجي، هو الضامن لأمن قطر، وتجنيبها مخاطر الانزلاق في أتون صراعات دولية، ستدفع ثمنها عقوبات اقتصادية، سيدفع ثمنها الشعب العربي القطري، فهل يمكن أن يقفز القطريون من سفينة إيران المثقوبة، وتنجو من الغرق في بحر الأزمات القادمة على النظام الإيراني؟.


نقلا عن البيان الاماراتية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل تقفز قطر من سفينة إيران هل تقفز قطر من سفينة إيران



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon