بقلم - هاني سالم مسهور
من جحورهم وأوكارهم أخرجت العملية الشاملة (سيناء 2018) دعاة التطرف والإرهاب، فلم يكن ظهور زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري بعد أيام من العملية العسكرية التي تشنها وحدات الجيش المصري في شبه جزيرة سيناء وعدة محافظات مصرية، إلا تأكيداً على ترابط هذه الجماعات التكفيرية وانتهالها من معين واحد هو فكر جماعة الأخوان المسلمين كمصدر أساس للأفكار والمناهج المتطرفة.
حديث أيمن الظواهري عبر التسجيل الصوتي الذي دعا الكوادر الإخوانية لفتح صفحة جديدة لمواجهة الجيش المصري، مُقراً أن ما وقع في العام 2011م كان خلفه التنظيم الدولي، هذا الحديث جاء في توقيت انهارت فيه معنويات المتطرفين نتيجة الخطوة الكبيرة التي يقوم بها الجيش المصري، وهي العملية التي من الواضح حملت عنصر المفاجأة زمنياً، وكذلك من ناحية القوة العسكرية الضاربة المستخدمة فيها، مما أضعف قدرات الجماعات التكفيرية على استيعاب هذه الضربات الواسعة للجيش والأمن المصري.
المسألة هي أعمق من مجرد دعوة من أيمن الظواهري للكوادر الإخوانية، فما كشفه المقطع المرئي الذي ظهر فيه الداعشي عمر إبراهيم الديب نجل القيادي في جماعة الإخوان إبراهيم الديب في ليبيا، والذي دعا فيه إلى استهداف مصرودول عربية أخرى بعمليات إرهابية يعطي دلالة أخرى على الارتباط الفكري الوثيق بين كافة التنظيمات والجماعات الإرهابية الحركية مع جماعة الإخوان المسلمين.
لقد تتلمذ أسامة بن لادن في كنف جماعة الإخوان المسلمين، وتربى منذ نعومة أظفاره على كتب منظريها، ويشهد بذلك نائبه في تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، فهو الذي قال في تسجيل مصور سابق: «كان أسامة بن لادن يقول: أنا مطرود من التنظيم، أنا أصلاً كنت في تنظيم الإخوان مطروداً، فأنا مطرود من التنظيمات يعني»، ثم يضيف الظواهري: «كان أسامة بن لادن في جماعة الإخوان المسلمين، ولما قام الغزو الروسي لأفغانستان نفر فوراً إلى أفغانستان، فكانت توجيهات التنظيم له، تعرفون طبعاً توجيهات التنظيم، كانت توجيهات التنظيم له لا تتخطّ لاهور...».
وليس لأحد أن يقول إن الجماعة بريئة من أسامة بن لادن بدلالة أنها طردته، وذلك لأن الظواهري في ذات الشهادة يقول بأن: مصطفى مشهور «المرشد الخامس لجماعة الإخوان المسلمين» طلب من بن لادن بعد أن ارتفع اسمه بأن يعود إلى الجماعة.
هذا هو أسامة بن لادن الذي أسس ما يسمى بتنظيم القاعدة، هذا التنظيم الذي مارس صنوفاً من الإرهاب والقتل والاغتيال، سيراًعلى نهج الجماعة الأم (جماعة الإخوان المسلمين)، كيف لا، وزعيم هذا التنظيم أحد أبناء الجماعة!!
خليفة داعش المزعوم أبو بكر البغدادي، كان أحد أعضاء جماعة الإخوان بشهادة كبير منظري الإخوان يوسف القرضاوي، إذ يقول في لقاء مصور: «ومن ضمن هؤلاء جماعة داعش... وقالوا إن هذا الشاب كان من الإخوة من الإخوان [يقصد أبو بكر البغدادي]... في أول أمره من الإخوان، ولكنه كان يميل إلى القيادة وإلى كذا وأغراه هؤلاء بعد أن ظل عدة سنوات مسجوناً خرج وانضم إلى هؤلاء...».
وقد بلغ هذا الرجل مع جماعته، ما لم يبلغه أحد في التساهل في الدماء، وتكفير عموم المسلمين، بل وتكفير الجماعة التي خرج منها وهي تنظيم القاعدة، وتوأمه جبهة النصرة، وقد حدث بين الجماعتين من الاقتتال، ما لا يخفى على أحد، حتى كفرت كل فرقة أختها.
التنظيم في إصداره المصور الأخير، والذي يؤكد انضمام عمر الديب نجل القيادي إبراهيم الديب إليه ومشاركته في عملياته المسلحة، يستغل حالة الانبهار الإخواني به والتي لمسها من ازدياد معدل انضمام شباب الإخوان إلى صفوفه. مقطع تنظيم داعش الأخير يؤكد مجدداً زيف مزاعم جماعة الإخوان، بالنظر إلى ما سبق من اكتشاف انخراط العديد ممن يروج لهم كونهم مختفين قسرياً في العمل المسلح ضمن نشاطات خلايا حسم ولواء الثورة.
لا تنتهي هذه الحقائق الكاشفة بغير المرور على حديث أمير قطر في مؤتمر ميونخ للأمن (فبراير 2018م) فلقد منح للتنظيمات الإرهابية مسوغات وجودها عندما اعتبر اتهام الأيديولوجيات المتطرفة بأنها سبب الإرهاب العنيف هو تبسيط للأمور، بقوله «إن الفشل النمطي بمنطقتنا في تلبية الاحتياجات الأساسية لشعوبنا يغذي الإرهاب والشعوب بدأت تفقد إيمانها بحكوماتها ولا تجد وسيلة للتغيير سلمياً»، هذه (شرعنة) كاملة للتيارات التي لطالما بحثت عن مسوغات لأعمالها الإرهابية، وإذا كانت هذه الشرعنة من قيادة سياسية فهذا تأكيد واضح على الشبكة التي تربط هذه الجماعات المتطرفة مع دولة قطر كواحد من الأنظمة السياسية الداعمة لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة العربية والعالم.
نقلا عن البيان الاماراتيه