توقيت القاهرة المحلي 18:32:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حكاية اسمها «الصوامع»!

  مصر اليوم -

حكاية اسمها «الصوامع»

بقلم - أحمد رفعت

أسوأ ما فى الدنيا أن نتداول مصطلحاً ونتحدث عنه كثيراً ثم نصنع منه قصصاً وحكايات دون أن نعرفه جيداً ولا نعرف دوره ولا وظيفته ولا أهميته ولا خطورته ولا مزاياه ولا عيوبه، ولا حتى تعريفه!

وفى السنوات الأخيرة، حتى قبل أزمة الحبوب الأخيرة، تداولنا فى مصر المصطلح المذكور وزاد الأمر بعد الأزمة بطبيعة الحال.. دون أيضاً تفصيل حتى من يذكرون الأرقام فى أحاديثهم -ونحسب أننا منهم- لا ولم تتح لهم الفرصة للحديث عن الموضوع بكل أبعاده ليس من قبيل الوعى بما يجرى فقط إنما أيضاً من باب التثقيف العام الذى نفتقد جوانب كثيرة منه..

ولكن تبقى نقطة مهمة للغاية وهى الوصول إلى أهمية أى شىء فى حياتنا يبدأ بمعرفته جيداً ومعرفة قدر الخسارة بخصمه من الحساب.. فما بالنا وأننا منذ سبع سنوات طرح الرئيس عبدالفتاح السيسى للمصريين مشروعاً قومياً لـ«الصوامع»؟! هنا تبدو الأهمية مضاعفة خصوصاً أن حياة الناس ترتبط به ومصالح الوطن العليا ترتبط به كذلك وأموال المصريين التى ستذهب لهذا المشروع المهم من حقهم دستورياً وموضوعياً وسياسياً واقتصادياً أن يعرفوا لماذا ينفق على هذا المشروع وما العائد منه؟!

ومن هذا المنطلق.. وفى اللغة الاسم «صومعة» والفعل «صمع» والمفعول «مصومع» وهى تختلف عن «صومعة» التعبد عند الرهبان، لكنها تعنى فى النهاية «جمع الشىء ورفعه ليكون له ذروة»! وفى التعريف الاصطلاحى «مكان لتخزين الحبوب»، ومن هذا التعريف نفهم أن الفلاح المصرى ومنذ القدم فهم أهمية الموضوع، طبعاً لنا فى قصة سيدنا يوسف عبرة مهمة.. لكن تعددت أشكال الصوامع عبر هذا التاريخ الطويل.. منها ما تم تسويره بأى سور وتجمع الحبوب ويجمع القمح تحديداً داخله.. وهذا النوع أكثرها فى الخسائر لأنه عرضة ليس فقط لعوامل الطقس وإنما أيضاً للحشرات وربما للقوارض!

أما فى الريف فكانت مخازن القمح من الطين الذى يتحول إلى غرف تخزين كبيرة لكن لم تكن هذه الطريقة قادرة على حماية القمح من الرطوبة ولا الحماية الكافية من الحشرات، لكنها كانت بالنسبة للريف الحماية المثالية للحبوب عموماً!

الصوامع والحديث منها ما بين مسطح ودائرى، لكن البعض يتصور أن الصومعة هى المبنى الأسطوانى المصمم من الحديد أو الصاج، لكن الدقة تعنى أن المكان كله مهما كان عدد الأسطوانات الحلزونية هو «الصومعة» التى تنسب للمكان الذى صممت فيه وكثيراً ما نراها بالقرب من محطات السكك الحديدية وذلك ليتيسر نقل الحبوب إلى المدن والمحافظات!

الصوامع الكبيرة التى يصل حجم تخزينها إلى ٦٠ ألف طن وربما ٨٠ أو ٩٠ ألفاً تعمل بالكامل آلياً ولذلك فهى مجهزة بالعديد من المزايا مثل الرافعات والناقلات وطبعاً المنظفات والمصنفات والمجففات.. المجففات لمنع الرطوبة.. بتسخين هواء الأسطوانة الضخمة التى نراها ونمرره فيها، ثم يأتى دور التجفيف بينما تسهم المنظفات فى طزاجة الحبوب.. ومن خلال الخلايا الإلكترونية مع الاهتزاز الآلى يتم فصل القشور لتكون الحبوب جاهزة للنقل ثم للاستخدام بعد استبعاد الحبوب الفاسدة ومخلفات العمليات السابقة!

إذاً نقف أمام عملية كبيرة تستحق العلم بها خصوصاً لو علمنا قيمة ذلك نقدياً! فبعض الصوامع تصل تكلفتها إلى ٣٠٠ مليون جنيه بغير قيمة الأرض ولا تكاليف التشغيل فيما بعد.

وعلينا أن نتخيل قيمة مشروع قومى يصل إلى ٥٠ صومعة تبنى وتصمم فى ١٧ محافظة تمتد من القنطرة شرق شمال سيناء، إلى شرق العوينات بأقصى جنوب شرق مصر مروراً بطنطا بالغربية ومنوف بالمنوفية وههيا بالشرقية ودمنهور بالبحيرة والصباحية بالإسكندرية وبنها بالقليوبية وبرقاش بالجيزة وقنا وبنى سويف والفيوم وبهنسا والشيخ فضل بالمنيا! كل ذلك من أجل إضافة القدرة على التخزين لـ١٫٥ مليون طن! الـ١٫٥ هذا هو حجم الزيادة فى القدرة على التخزين لأن هناك صوامع سابقة مملوكة للدولة وأخرى للقطاع الخاص تخزن ما يقرب من ١٫٦ مليون طن وبالتالى سيرتفع حجم التخزين إلى ٣٫١ مليون طن والمقرر أن يصل إلى ٥ ملايين طن!

هل هذا الرقم يكفى؟ نصل هنا إلى المفيد، ولذلك نقول إن هذا رقم التخزين فقط وهو استراتيجى يصل إلى عام وعام ونصف، ومع جمع حصاد الحقول المصرية يرتفع الرقم ليصل وفق مخطط هذا العام إلى ١٠ ملايين طن، وعندما نعرف أن استهلاك مصر من القمح الأعلى فى العالم ويتراوح من ١٨ إلى ٢٠ مليون طن (يستهلك المواطن المصرى من ٢٢٠ إلى ٢٣٠ كيلو قمح سنوياً بينما متوسط المعدل العالمى ٩٠ كيلو) لعرفنا قيمة الـ١٠ ملايين!

لكن عندما نعرف أن من ١٠ إلى ٢٠٪ وربما أكثر فى بعض التقديرات كان يُهدَر أثناء التخزين من عوامل الطقس والعطب وهجوم الطيور بل والسرقة، أى ما يصل إلى ٣ ملايين طن سنوياً.. وعندما يتجاوز الطن الواحد فى الأزمة الأخيرة الـ٤٠٠ يورو، لعرفنا قيمة الصوامع وأهمية هذا المشروع القومى الكبير!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حكاية اسمها «الصوامع» حكاية اسمها «الصوامع»



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
  مصر اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 15:30 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025
  مصر اليوم - ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 11:43 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تامر حسني يدعو لتبني طفل عبقري

GMT 14:33 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة رانيا العبدالله تستمتع بوقتها مع حفيدتها

GMT 07:55 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتقاضى 634 ألف دولار يومياً مع النصر السعودي

GMT 09:37 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السيارات الكهربائية في طريقها لتراجع كبير

GMT 01:56 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

التعليم.. والسيارة ربع النقل!

GMT 05:08 2024 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

مرشح رئاسي معتدل ينتقد سياسة الحجاب في إيران

GMT 05:33 2021 الأحد ,26 كانون الأول / ديسمبر

جالطة سراي يخطر الزمالك بتفعيل بند شراء مصطفى محمد

GMT 03:52 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تدريس الرياضيات يحسّن من مستوى الطلبة؟

GMT 23:31 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

توقيف سيدة تُدير شبكة دعارة داخل شقة سكنية في السويس

GMT 18:19 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

«المركزي» يعلن مواعيد عمل البنوك في رمضان 2021

GMT 12:03 2021 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

قمة نارية بين برشلونة وإشبيلية في نصف نهائي الكأس
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon