بقلم - أحمد رفعت
عادل إمام.. هذا يكفى للناطقين بالعربية فى أى مكان بالعالم لتنطلق الخلايا العصبية إلى المخ تستدعى من الدماغ ملف هذا العادل إمام.. وتفتحه وتراجعه وفى أقل من الثانية يكون أمامنا ذلك الشاب الأسمر الذى صعد السلم أمام الجميع درجة درجة.. ليس فى تاريخه كارت توصية ولا دعم مطلق أو شبه مطلق من متنفذ كبير فرضه على أحد.. إنه ذلك الشاب النحيف الذى كان أكثر شخص فى العالم يدرك إمكانياته وقدراته ووعد الكثيرين بأنه سيكون بعد أعوام قليلة أكبر نجوم مصر وقد كان!
إنه ذلك الذى تجرى فى عروقه دماء الدقهلية على الحلمية لتقدم نموذجاً فريداً فى الالتزام العائلى وفى التعامل مع أسرته رغم النجومية الطاغية التى لم تفعل فعلتها معه.. فكان باراً بوالده رغم قصص كثيرة لا مناسبة لها الآن.. وكذلك بإخوته وعرفناهم.. اسماً ورسماً.. حتى قبل أن يأتى رامى ومحمد وسارة وقبل أن نعرفهم!
عادل إمام.. صاحب أطول زعامة فنية استقرت على القمة وبلا منازع تقريباً.. وصاحب أهم نجومية لم تعرف التآكل أو التراجع.. وصاحب أهم شخصية فنية ظلت فى أضوائها دون أن تخفت ولو قليلاً.. وصاحب أذكى إدارة للذات أبقت صاحبها ملء السمع والبصر داخل وخارج بلده. وصاحب أطول مسيرة عطاء فنى متصلة لم تعرف الانقطاع ولم تتماه مع الظروف ولم تعرف الاستسلام ولا التراجع لا تحت قصف إعلامى يحدث بين الحين والآخر ولا بفعل الزمن. وقد فعل فعلته مع آخرين!
إنه عادل إمام الذى خطف الأنظار فى «أنا وهى وهو».. وخطفها أكثر فى «لصوص لكن ظرفاء».. و«مراتى مدير عام».. إنه عادل إمام صاحب «الهلفوت» و«المتسول» و«عنتر شايل سيفه» و«رجب فوق صفيح ساخن» و«شعبان تحت الصفر» و«رمضان فوق البركان»، حيث الضحك هدف أساسى وربما يكون وحيداً.
وهو عادل إمام حيث «كراكون فى الشارع» و«خلى بالك من جيرانك» و«عصابة حمادة وتوتو» حيث نجد كثيراً من الضحك قليلاً من التوجيه.. وهو أيضاً عادل إمام فى عكس ذلك.. حيث «أنا اللى قتلت الحنش» و«سلام يا صاحبى» و«المولد»، حيث نجد كثيراً من الرسائل، قليلاً من الضحك.. وهو نفسه حيث لا ضحك على الإطلاق بل رسائل فى كل اتجاه فى «الغول»و «حتى لا يطير الدخان» و«حب فى الزنزانة» وهو نفسه عادل إمام فى قمة النضج الفنى فى «المنسى» و«طيور الظلام» و«اللعب مع الكبار» وهو نفسه من يعود للضحك للضحك.. الضحك أولاً وأخيراً فى «التجربة الدنماركية» و«بخيت وعديلة» وفق ترمومتر عبقرى لا يمتلكه إلا هو يحدد حال البلاد وظروفها وما تحتاجه وحالته الفنية هو أيضاً!!
أما هى.. فإنها نجلاء فتحى.. «البراءة» التى اقتحمت السينما المصرية أواخر الستينات دون استئذان لتحتل مكانتها بأسرع ما يكون.. لتعلن عن سندريلا جديدة تمتلك طفولة العالم مع حضور لافت وجاذبية بلا حدود.. لتبدأ مسيرة من النجاح كانت لا تتوقف إلا بإذن منها وبإرادتها الحرة المطلقة.. تتوقف.. تبتعد.. تراقب.. تنشغل.. تعود.. لكن ظلت تمتلك مسيرتها وتحدد مسارها كيفما تشاء.. من محطاتها المهمة منذ لمعانها الطاغى فى «حرامى الورقة» إلى «حب وكبرياء» إلى «بدور» و«الوفاء العظيم» و«لا يا من كنت حبيبى» و«لا وقت للدموع» وصولاً إلى مرحلة أخرى فى «سونيا والمجنون» و«اذكرينى» وصولاً إلى «أحلام هند وكاميليا» و«الجراج» و«ديسكو ديسكو» ولتكون بطلة للمسلسل الإذاعى الوحيد لمكتشفها ومفجر طاقاتها الأول العندليب عبدالحليم حافظ.. وتكون أيضاً بطلة أهم عمل لمحمود عبدالعزيز فى «الدنيا على جناح يمامة» إنها «ابنة الذوات» التى احترمت وأحبت الطبقات الشعبية واقتربت منهم وانحازت لهم.. الدلوعة التى تكلمت فى السياسة وآمنت بالقومية العربية فأحبتها شعوب العرب وامتلكت قلوب الملايين!
وبعيداً عن أية تفاصيل تقود دائماً إلى متاهات لن تنتهى.. نقول: نقف أمام قمتين من رموز القوى الناعمة المصرية.. كل منهما أحب وطنه وعلى طريقته.. ولا يصح أن ينفجر خلاف بينهما ثم نحسبه عملاً فنياً نتابعه ونشاهده دون حتى التعليق عليه.. صحيح يمتلك البعض ملاحظات وملاحظات على كليهما.. هذه طبيعة الحياة وطبع البشر.. لكن فى النهاية لا يصح إلا ما نراه صحيحاً.. ولا يصح أن نسمح للصائدين فى كل مياه عكرة أن يصطادوا.. آراء كثيرة ابنة زمانها وأحياناً ابنة اللحظة والانفعال ولها أسبابها ولها تبريراتها وغالباً تنتهى الأسباب وتتلاشى المبررات بعد وقت من الزمن.
نقابة الممثلين ونقيبها المحترم الدكتور أشرف زكى مدعوون للتدخل.. فاعلو الخير من أحباب النجمين مدعوون كذلك.. بل وزيرة الثقافة الدكتورة إيناس عبدالدايم معنية أيضاً برأب أى تصدع يصيب بناءنا الفنى والثقافى!
الصمت يخذلنا جميعاً.. ولا يصح أن يستمر الخلاف مادة خصبة للمتربصين بالفن المصرى!