بقلم - أحمد رفعت
توجيه الرئيس عبدالفتاح السيسى بتأسيس أكبر مصنع للبولى إيثيلين فى المنطقة بالطاقة الهائلة التى أعلن عنها من ٦ وحدات و٣٠ خط إنتاج و١٠٠٠ منتج ليس فقط يطمئننا على المستقبل بتأكيد إصرار الرئيس على استكمال التحديث الجارى فى البلاد وفى القلب منها بناء بلد صناعى، إنما أيضاً يتكامل مع المجهودات السابقة سواء فى الصناعات البتروكيماوية تحديداً وكافة الصناعات الأخرى.
فمثلاً.. فى أغسطس ٢٠١٦ فاجأنا الرئيس بافتتاح مصنع «إثيدكو» للبتروكيماويات لصناعة الإيثيلين بطاقة كبيرة تصل إلى ٤٦٠ ألف طن وصناعة البولى إيثيلين بطاقة تصل إلى ٤٠٠ ألف طن سنوياً!
هذه الطاقة الكبيرة تتوافق مع قدرات المصنع الذى تم بتمويل مصرى خالص اقترب من مليارى دولار على مساحة ١٧٥ فداناً بتشغيل يصل إلى عشرة آلاف مهندس وعامل ومحاسب وسائق!
ولاستيعاب ما يجرى، تصح الإشارة إلى رؤية مصر فى الطاقة التى تعتمد على خمس خطوات أساسية أولاها تأمين احتياجات المصريين من الطاقة ومشتقاتها والتوسع فى الاكتشافات النفطية والغازية وتوصيل الغاز الطبيعى لأكبر عدد من البيوت والمصانع وتحويل مصر لمركز إقليمى للطاقة وأخيراً -وهو موضوع المقال- التوسع فى الصناعات البتروكيماوية.. وهو ما يجرى فعلاً!
فمثلاً.. افتتح الرئيس مجمع تكرير مسطرد بعد استكمال تأسيسه بحجمه الكبير حيث يصل إنتاجه السنوى إلى ٤٫١ مليون طن من المنتجات البترولية للسوق المحلية، منها ٢٫٩ مليون طن سولار ووقود نفاث!
ولقد تم تشغيل وحداته ومرافقه كاملة وكذلك وحدة الإنتاج الهيدروجينى فى الربع الأخير من عام 2018 وتم تشغيل وحدات السولار منخفض الكبريت ووحدات معالجة النافتا والبنزين فى ٢٠١٩ وتشغيل وحدة الفحم فى يوليو من العام نفسه ثم وحدة التكسير الهيدروجينى فى سبتمبر التالى له، حتى بلغ حجم الإنتاج من المشروع بنهاية ٢٠١٩ ما يقترب من ١٫٤ مليون طن! منها حوالى ٢٫٣ مليون طن سولار مطابق للمواصفات الأوروبية و٧٠٠ ألف طن بنزين و٦٠٠ ألف طن من وقود الطائرات و٧٩ ألف طن بوتاجاز، إلى جانب إنتاج الفحم والكبريت، فضلاً عن توفير المشروع فرص عمل وتشغيل بلغت الـ١٨ ألف فرصة عمل مؤقتة و١٢٠٠ فرصة عمل دائمة!
ومع مصنع مسطرد، يأتى مصنع أنوبك بأسيوط الذى يعفى مصر من استيراد مشتقات بترولية من الخارج بقيمة ١٫٥ مليار دولار سنوياً، فضلاً عن توفير من ٦٠ إلى ٦٥٪ من احتياجات الصعيد من مشتقات الطاقة التى كانت تصل إليه من القاهرة والسويس وبالتالى تكون عرضة لأية مخاطر أو تقلبات، فضلاً عن الوقت والتكلفة واستهلاك الطاقة ذاتها فى الوصول إلى هناك عبر مئات السيارات العملاقة، أما اليوم وباكتمال المشروع بطاقته الإنتاجية الكبيرة التى تصل إلى ١٫٨ مليون طن سولار سنوياً و٤٠٠ ألف طن من «النافتا» المستخدمة فى إنتاج البنزين و١٠٢ ألف طن بوتاجاز و٦٠ ألف طن كبريت و٣٣٠ ألف طن فحم!! وهى طبعاً قيم إنتاج كبيرة جداً!
الحديث يطول عن باقى الجهد المبذول فى مجال تصنيع مشتقات البترول، خصوصاً مع وجود مصانع وشركات خاصة تنتج المادة ذاتها «البولى إيثيلين»، لكن حجم استهلاك مصر من هذه المادة قفز من ٧٠٠ ألف طن عام ٢٠١٦ إلى مليون طن، فضلاً عن حاجتنا للتصدير لتقليل فجوة الاستيراد أو بغلقها كلية. تصدير الفائض للخارج للتأثير على ميزان المدفوعات وخلق التوازن إلى أكبر درجة ممكنة فيه!
هذا يتطلب تصنيعاً ثم تصنيعاً ثم تصنيعاً.. مكانتنا بين الأمم سيحددها مستوى وحجم ما نصدره وقيمته وبالتالى مدى استغنائنا عن الخارج واحتياج الخارج إلينا.. الصادرات الصناعية بترولية وغير بترولية هو الحل.. ومادة البولى إيثيلين تدخل فى عشرات الصناعات وبالتالى تصنيعها يوفر مادة أساسية لعشرات الصناعات الأخرى فى البلاستيك والملابس والمواد الصحية والفايبر وكافة صناعات اللدائن.. ومن هنا تأتى الثقة فيما قلناه أول المقال.. من أن المستقبل ورغم كل ما يقال عن الوضع الاقتصادى المصرى فإننا نلمح صناعة لمستقبل مصر بإعادتها بلداً صناعياً ورد الاعتبار للصناعة المصرية وخصوصاً فى الصناعات التى تسهم فى صناعات أخرى.
الرئيس فى اجتماع أوصى بالتوجيه بإنشاء المصنع الكبير تناول أيضاً خطط استعادة مكانة وطاقة وإنتاج مصنعى أدفينا وقها.. أهم وأجمل صناعاتنا الغذائية التى أصابها ما أصابها.. مصنع قها طوِّر فى ٢٠١٥ ويحتاج إلى المزيد، و«أدفينا» سنرى نتائج تطويره قريباً.. وهذا وغيره يجعلنا نتفق ونؤكد ونشجع وندعم جملة وصيحة «التصنيع هو الحل»!