بقلم: أحمد رفعت
لا يتوقف إبداع المصريين ولا يتوقف عطاء المخزون الحضارى لشعبنا الذى لا ينضب أبداً بل يقذف كل حين بما يتناسب مع الظرف التاريخى.. إن كانت خبرات متراكمة تحفظ للوطن وحدته لكانت.. وإن كانت حاسة الاستشعار بما يحاك للوطن من مجرمين كاذبين يريدون بمصر شراً لكانت.. وإن كانت إبداعاً خالصاً يستهدف إسعاد الناس والارتقاء بحياتهم إلى الأفضل لكانت.. وعند الأخيرة نتوقف قليلاً.. نقف أمام معجزة حقيقية قال المتخصصون رأيهم فيها.. والقصة مباشرة تقول إن الطفل محمد وائل سعد خطاب التلميذ بالمرحلة الإعدادية بإحدى مدارس محافظة البحيرة.. وبسبب حبه الخاص لمواد العلوم، خصوصاً الكيمياء استلفت نظره قصة ثقب الأوزون الذى يهدد البشرية وكوكب الأرض منذ سنوات، وأدرك وهو فى هذه السن الصغيرة أن هناك عديداً من الغازات تتسبب فى تآكل طبقة الأوزون التى تغلف الكرة الأرضية وتحمى الأرض وسكانها من الأشعة الضارة القادمة من الكون، وعرف أن الفريون وأول أكسيد النتروجين وغيرها وغيرها من أسباب المشكلة!
محمد وبمساعدة الكبار أدرك أنه يمكن بإجراءات بسيطة وقف ذلك.. وذهب لمعمل المدرسة بعد أن توفر له ما طلبه من مواد وأجرى تجربة أولية على الأوزون وكيفية التعامل معه من خلال المادة التى توصل لها الطفل العبقرى، وأكد أنها ستحمى طبقة الأوزون وتمنع تآكله، وبالتالى ستزيل هماً كبيراً عن البشرية كلها وأرقاً دام طويلاً، وكلف دول العالم أموالاً طائلة.. وكانت النتائج مدهشة للحاضرين!
تحول الأمر إلى قصة كبيرة يتداولها الناس فى بلدة محمد، مما دعا الكثيرين إلى الاقتراب من الأمر الذى فجأة تجاوز حدود البحيرة ليصل إلى أقرب محافظة كبيرة أو الظهير الأكبر للبحيرة وهى الإسكندرية!
فى الإسكندرية انقسمت ردود الفعل إلى فريقين.. الأول يريد اختطاف الفكرة والمشروع كله.. والثانى يستهجن الموضوع ويسخر منه ولا يقدم إلا كل ما هو محبط! هنا لجأت أسرة محمد إلى قيادة المنطقة الشمالية العسكرية، رغم عدم صلتها بالأمر.. إلا أنهم هناك رحبوا بمحمد وأسرته ونصحوهم أولاً بضرورة تسجيل الاختراع، وأنهم بعد ذلك سيقومون بإبلاغ الفكرة إلى إحدى الجهات العلمية، وتم اختيار كلية علوم الإسكندرية بالتفاصيل، وأدى رجال الجيش العظيم دورهم الوطنى والإنسانى على أكمل وجه، وكانوا بالفعل عند حسن الظن بهم كالعادة!
فى كلية العلوم كان الاستقبال محترماً ورائعاً، وهناك أشرف أساتذة الكلية وتحديداً قسم النباتات والميكروبولوجى على التجارب، تحت إشراف الدكتورة عزة أحمد شحاتة، وصدر تقرير بالأوراق الموقعة ومختومة بخاتم القسم فى يوليو الماضى، وقال التقرير حرفياً: «يستدعى الأمر أن يكتب الطالب تقريراً للتجربة العلمية ليكون مستنداً واضحاً ومفصلاً يشرح من خلاله خطوات القيام بالتجربة العلمية ونتائجها، ليستخدم هذا التقرير بشكل أساسى لوصف وتحليل الإجراءات المتبعة والبيانات التى تم جمعها من التجربة والحفاظ على الملكية الفكرية للطالب»!
ثم قال التقرير «مع العلم أنه تم تنفيذ التجربة والاطلاع على المادة الفعالة للبحث الخاصة بالملكية الفكرية للطالب للمرة الأولى فى 19/ 5/ 2019 الساعة العاشرة صباحاً، وتم الانتهاء من التجربة الساعة الواحدة ظهراً، بحضور الطالب وتم الوصول إلى نتائج أن المادة فعالة وإيجابية والبحث على أساس علمى صحيح، تحت إشراف الأستاذ الدكتور إبراهيم عبدالمجيد حسن، بقسم النبات، مع العلم أنه تم تنفيذ التجربة للمرة الثانية بخطوات علمية صحيحة لنتأكد من النتائج..».! واستمر التقرير الذى لدينا نسخة منه على صحة التجربة وخطواتها وأنها كلها جرت وفق الخطوات العلمية المتبعة والصحيحة!
انتهى الأمر بتشجيع كبير وإشادة بالعائد الكبير على مصر والبشرية.. ثم توقف الأمر ولا يعرف محمد ولا تعرف أسرته ولا نعرف معهم ما المطلوب بعد ذلك، ومن يمكنه أن يتبنى المشروع، ومن هى الجهة المسئولة عن تسلم الفكرة ورعاية محمد وحمايته، إما من لصوص الاختراعات بكل الإغراءات الممكنة التى بدأت فعلاً أو حمايته من صناع الفشل؟!
السطور السابقة ننشرها ببعض تفاصيلها للتأكيد على جدية المشروع وليس أوهام تلميذ صغير ولا أحلام أسرة تتطلع للشهرة.. وقبل نشره وبعده يبقى الرئيس السيسى أمل كل الراغبين فى خدمة وطنهم.. وهو القادر على هزيمة الروتين والبيروقراطية، وإلا ما كانت الانطلاقة التنموية الكبيرة التى بلغت حدوداً كبيرة فى ملفات وأسطورية فى بعض الملفات الأخرى، خصوصاً فى فتح ملف التنمية بسيناء، وسابقاً كتبنا عن مؤتمرات الشباب وكيف تحولت إلى منظومة شاملة، ليس لفتح باب الحوار بين شباب مصر وقياداته بل أيضاً تحولت إلى مؤسسة لاكتشاف المواهب وإعداد الكوادر لقيادة مصر فى المستقبل.. لذا كان منطقياً أن يحلم محمد وائل العبقرى الصغير أن يكون ضيفاً على أحد مؤتمرات الشباب، وأن يقف أمام الرئيس.. وأمام العالم ليقدم تجربته أو شرحاً وافياً لها أمام الكون، ليقول أنا ابن مصر.. وها هى خلاصة عمرى الصغير.. فماذا سيفعل بعد سنوات أخرى من البحث والتحصيل؟ ماذا سيفعل بعد البكالوريوس أو الماجستير والدكتوراه؟ سنكون حتماً أمام مخترع ومكتشف مهم لم ينشغل بلعب الكرة أو مشاهدة أفلام الكرتون، إنما انشغل وبشكل مدهش بالعلم.. حتى إنه سجل فيديو صغيراً يتحدث فيه عن أزمة الأوزون وأسبابها، والمواد الداخلة فى تشكيل طبقات الجو والمواد الضارة بأسمائها وأنواعها على أروع ما يكون!
الأمل.. كل الأمل.. أن تلقى رغبة المخترع الصغير الاستجابة.. بل كل الثقة أنها ستلقى كل الترحيب والاهتمام!